وزير الخارجية السوري، أسعد الشيبان، يلقي كلمة في مؤتمر بروكسل التاسع حول سوريا، ١٧ مارس ٢٠٢٥.
اختتم المؤتمر السنوي التاسع لبروكسل حول سوريا بتأكيد قوي على الحاجة إلى إعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب، حيث شدد الفاعلون الدوليون على أن إعادة الإعمار أمر ضروري لاستقرار وأمن المنطقة. دعا المشاركون، بمن فيهم مسؤولون من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وأصحاب المصلحة الإقليميين الرئيسيين، إلى زيادة الدعم المالي ورفع العقوبات التي تعيق تعافي سوريا.
الدعوات لرفع العقوبات لدعم إعادة الإعمار
أكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على التأثير الشديد للعقوبات على الشعب السوري، موضحًا أن القيود المفروضة على الطاقة والنقل والرعاية الصحية تعرقل الاستثمارات الضرورية وتطيل أمد المعاناة. وقال: “السبب وراء هذه العقوبات، وهو النظام الإجرامي السابق، وقد زال، واستمرارها اليوم يعني معاقبة السوريين.”
من جانبها، أكدت تركيا، من خلال نائب وزير الخارجية نوح يلماز، على ضرورة الرفع غير المشروط للعقوبات. ورغم الترحيب بالإعفاءات الأخيرة، أشار إلى أنها لا تزال غير كافية لمعالجة التحديات الاقتصادية في سوريا، مؤكدًا أن الاستقرار مرتبط بالتعافي الاقتصادي، وأن إعادة الإعمار ضرورية لعودة اللاجئين.
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المجتمع الدولي إلى إعادة تقييم العقوبات، مشيرًا إلى أن الأضرار الناجمة عن الحرب تُقدر بنحو 800 مليار دولار. وأكد أن رفع القيود الاقتصادية سيسرع من عملية التعافي ويخفف الأزمة الإنسانية في سوريا.
الالتزامات المالية ونتائج المؤتمر
رغم الدعوات إلى زيادة الدعم المالي، فإن التعهدات التمويلية هذا العام كانت أقل من السنوات السابقة. حيث تم تأمين تعهدات بقيمة 5.8 مليار يورو (6.3 مليار دولار)، تشمل 4.2 مليار يورو في شكل منح و1.6 مليار يورو في شكل قروض، لدعم السوريين داخل البلاد وفي الدول المستضيفة للاجئين.
ساهم الاتحاد الأوروبي بمبلغ 2.5 مليار يورو لعامي 2025 و2026، مع تعهدات إضافية من الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي أعلنت عن 720 مليون يورو لعام 2025، وهو مبلغ أعلى من العام الماضي.
وستركز مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية على إعادة بناء البنية التحتية، واستعادة الخدمات الأساسية، ومساعدة اللاجئين في لبنان والأردن والعراق وتركيا. وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن هذه اللحظة حاسمة لانتقال سوريا، قائلة: “سوريا بلد جديد، ولأول مرة منذ عقود، أصبح تحقيق تطلعات الشعب السوري أقرب إلى الواقع.”
الدعم الإقليمي والانتقال السياسي
جدد مجلس التعاون الخليجي التزامه بإعادة إعمار سوريا، حيث شدد أمينه العام، جاسم محمد البدوي، على أن استقرار سوريا هو “ضرورة أمنية وإنسانية.” وشارك المجلس بنشاط في الجهود الدبلوماسية، بما في ذلك زيارات إلى دمشق والمشاركة في مؤتمرات وزارية ركزت على انتقال سوريا السياسي.
كما أعربت مصر عن دعمها القوي لإعادة الإعمار، حيث أكد السفير أحمد أبو زيد أن إعادة بناء سوريا لا تقتصر على البنية التحتية فقط، بل تشمل “استعادة الأمل والكرامة والمصالحة الوطنية.” كما شدد على دور مصر في استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري، وحث الدول المانحة على تلبية الاحتياجات العاجلة للمجتمعات النازحة.
نظرة إلى المستقبل
مع استمرار حاجة ملايين السوريين إلى المساعدات، وبقاء البنية التحتية مدمرة، يبقى السؤال: هل سيكون الدعم الدولي كافيًا لإعادة بناء البلاد، أم أن استمرار القيود ستُبقي سوريا عالقة في دائرة الأزمات؟