
شهد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لحظة رمزية وتحمل أبعاداً سياسية في 25 أبريل، حيث رفع العلم السوري الجديد في مقر الأمم المتحدة، واصفًا هذه الخطوة بأنها “إعلان عن وجود جديد” ونهاية فصل مؤلم من تاريخ سوريا.
وفي أول ظهور رسمي له في الولايات المتحدة منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، ألقى الشيباني خطابًا أمام مجلس الأمن الدولي، عارضًا رؤية الحكومة الانتقالية السورية. وأكد التزام دمشق بالاستقرار الإقليمي، والإصلاح السياسي، والتعاون مع المجتمع الدولي، مع الدعوة إلى رفع العقوبات بشكل عاجل وإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأراضي السورية.
حكومة جديدة ومسار جديد
خلال كلمته أمام مجلس الأمن، قال الشيباني:
“يسرني أن أخاطبكم بعد رفع علم سوريا إلى جانب أعلام 193 دولة — علم يرمز إلى التغيير والكرامة وإرادة شعب رفض الاستسلام”.
وأكد أن الحكومة السورية الحالية تسعى إلى ترسيخ السلام والعدالة، ومنحت المنظمات الدولية حق الوصول إلى البلاد للمرة الأولى منذ اندلاع الصراع.
وسلط الشيباني الضوء على الإصلاحات الجارية، بما في ذلك توحيد الفصائل العسكرية، والحد من تهريب المخدرات، والتعاون مع الهيئات الدولية في قضايا الأسلحة الكيميائية. كما أعلن عن خطط لتشكيل لجان للعدالة الانتقالية والمفقودين، مشيرًا إلى العودة الرمزية لبعض اليهود السوريين كدليل على عدم وجود للطائفية.
العقوبات والاستقرار
كان التأثير الاقتصادي للعقوبات الدولية محورًا أساسيًا في خطاب الشيباني، حيث حذر من أن القيود الحالية ما زالت تعرقل التعافي، وتزيد الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتعيق تدفق الاستثمارات.
وقال: “العقوبات تثقل كاهل بلدنا وتمنع دخول رأس المال. رفعها أمر ضروري لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار”.
ودعا وزير الخارجية الولايات المتحدة وحلفاءها إلى رفع العقوبات كخطوة لدعم الانتقال السياسي والتعافي الإنساني في سوريا.
إدانة الغارات الإسرائيلية
نددت سوريا بالغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة، معتبرةً إياها انتهاكًا للسيادة وتهديدًا للاستقرار الإقليمي. ودعا الشيباني الأمم المتحدة إلى الضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية والالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، مؤكدًا:
“سوريا لا تشكل تهديدًا لأي دولة في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل”.
من جانبه، أيد المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن الدعوات لوقف التوغلات الإسرائيلية، مشددًا على هشاشة المرحلة الانتقالية الحالية في سوريا. ورحب بمشاركة الشيباني، معتبرًا إياها انعكاسًا للتطورات الجارية، وأشار إلى التقدم الذي تحقق مثل تشكيل “مجلس الشعب السوري” والإعلان دستوري.
دعم حذر من بريطانيا
رحب نائب المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة جيمس كاريوكي بالتقدم السياسي في سوريا، داعيًا إلى استمرار المصالحة، والإصلاح الاقتصادي، والمساءلة. لكنه حذر في الوقت ذاته من أن الأنشطة العسكرية الإسرائيلية قد تقوض الأمن الإقليمي، مؤكدًا على أهمية احترام سيادة سوريا.
وفي الوقت الذي تسعى فيه سوريا لإعادة الانخراط دوليًا، تشير زيارة الشيباني إلى دفع دبلوماسي واضح لإعادة تشكيل صورة دمشق وتحويلها من دولة منبوذة إلى شريك فاعل في صياغة مستقبل المنطقة. ومع ذلك، يبقى السؤال ما إذا كان المجتمع الدولي سيرد بالمثل.