
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم، 13 مايو/أيار، أن إدارته سترفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تاريخية قد تمهد الطريق نحو التعافي الاقتصادي والتطبيع الدبلوماسي لبلدٍ دمره أكثر من عقد من الحرب.
وفي كلمته خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي بالرياض، أعلن ترامب: “سآمر بوقف العقوبات المفروضة على سوريا لمنحها فرصةً للنمو والتطور”، وسط تصفيق الحضور وتصفيق حار من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وقال ترامب: “حان وقت تألقهم. سنرفعها جميعًا”.
يمثل هذا الإعلان أهم تحول في السياسة الأمريكية تجاه سوريا منذ أكثر من 13 عامًا، إذ يتراجع عن الإجراءات العقابية التي فُرضت لأول مرة في عهد نظام بشار الأسد. وتأتي هذه الخطوة بعد أشهر من الدبلوماسية الهادئة التي شملت تركيا والمملكة العربية السعودية ووزارة الخارجية السورية، وتأتي قبل اجتماع مقرر بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأربعاء في الرياض.
بوادر مصالحة بعد سنوات من العزلة
منذ سقوط نظام الأسد، سعت إدارة الشرع إلى تخفيف العقوبات وإعادة الانخراط الدولي. رحّب وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بقرار ترامب، واصفًا إياه بـ”بداية جديدة”، وشكر المملكة العربية السعودية على دورها في تسهيل هذا الانفراج.
وفي تصريح لرويترز، قال الشيباني: “يُشير هذا التطور إلى نقطة تحول محورية للشعب السوري في سعينا نحو مستقبل من الاستقرار والاكتفاء الذاتي وإعادة إعمار حقيقية”.
كما رحبت الأمم المتحدة بهذا الإعلان. وقال المتحدث باسمها، ستيفان دوجاريك، إن رفع العقوبات “سيكون له أثر إيجابي على الانتعاش الاقتصادي للبلاد”. ويُقدّر البنك الدولي أن اقتصاد سوريا انكمش بأكثر من النصف بين عامي 2010 و2021، حيث يعيش أكثر من 90% من السكان الآن تحت خط الفقر.
الزخم الدبلوماسي والرهانات الإقليمية
أكد ترامب أنه سيلتقي بالشرع يوم الأربعاء، قائلاً: “نعم، أعتقد ذلك”، رداً على سؤال الصحفيين. وأوضح مسؤولو البيت الأبيض لاحقاً أن الرئيس وافق على استقبال الرئيس السوري في الرياض. ورغم الجدل الذي أثاره اللقاء نظراً لتاريخ الشرع، إلا أن المسؤولين الأمريكيين يرون فيه فرصة دبلوماسية محتملة.
وقال أليكس زردن، المسؤول الأمريكي السابق رفيع المستوى: “هذه إشارة بالغة الأهمية. مجرد صدورها من الرئيس ترامب في مناسبة عامة كهذه يُظهر أن الأمر أكبر وأوسع نطاقاً بكثير مما كان متوقعاً”.
وأفادت قناة فوكس نيوز أن الشرع قد يبرز كـ”شريك استراتيجي” لترامب، حيث تشمل المناقشات، بحسب التقارير، التعاون الاقتصادي، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ووصول الولايات المتحدة إلى موارد الطاقة السورية.
تداعيات إقليمية أوسع
يأتي هذا القرار في ظل إعادة ترتيبات جيوسياسية أوسع نطاقاً، بما في ذلك التوسع المحتمل لاتفاقيات إبراهيم ومحاولات الولايات المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار في غزة. أشار ترامب قائلاً: “معًا، قطعنا خطواتٍ غير مسبوقة… ما زلنا على أعتاب فجر يومٍ مشرقٍ جديدٍ لشعوب الشرق الأوسط”.
في حين لا تزال الشروط الدقيقة لإعادة دمج سوريا غير واضحة، إلا أن رفع العقوبات قد غيّر بالفعل مسار الدبلوماسية الإقليمية. ومع اقتراب اجتماع الغد، يترقب الكثيرون بوادر بداية فصلٍ جديدٍ بين واشنطن ودمشق.