
في تحول جذري في السياسة الخارجية الأمريكية، رفع الرئيس دونالد ترامب العقوبات الأمريكية المفروضة منذ عقود على سوريا دون فرض أي شروط مسبقة على الحكومة في دمشق. الإعلان، الذي صدر خلال زيارة ترامب إلى السعودية، يشير إلى إعادة تقييم جذرية للموقف الأمريكي من بلد طالما اعتُبر خارجاً عن الإجماع الإقليمي.
قرار ترامب جاء دون شروط
أكد المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مايكل ميتشل، في مقابلة مع قناة “الحرة” أن القرار كان غير مشروط، قائلاً: “الولايات المتحدة لم تطلب أي ضمانات من حكومة الشرع قبل رفع العقوبات”. وأضاف: “قرار الرئيس ترامب جاء دون شروط”. وأوضح ميتشل أن الولايات المتحدة تأمل برؤية تحسن في مجالات حقوق الإنسان والاستقرار ومكافحة الإرهاب، إلا أن هذه التطلعات ليست مرتبطة برفع العقوبات.
وقد جاء الإعلان عقب اجتماع عقد في الرياض بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع، شارك فيه كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأشاد ترامب بالشرع واصفاً إياه بأنه “قائد كاريزمي وقادر”، واعتبر اللقاء “رائعاً”، مؤكداً أن “على سوريا أن تحظى بفرصة جديدة بعد سنوات من الحرب والدمار الاقتصادي”. وأضاف خلال كلمته في منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي: “الشعب السوري عانى كثيراً، وقد حان الوقت لمنحه فرصة. نحن نريد لسوريا أن تنجح”.
مجموعة من “التوصيات”
رغم غياب الضمانات الرسمية، عبّر مسؤولون أمريكيون عن أملهم بتحقيق تقدم في ملفات رئيسية. وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، تحدث بعد اجتماع ثلاثي في أنطاليا مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، معلناً أن الإدارة الأمريكية ستبدأ بإصدار إعفاءات تشمل قطاعات اقتصادية حيوية لإطلاق عملية إعادة إعمار سوريا. وشدد روبيو على أن لدى الولايات المتحدة مخاوف مثل عودة تنظيم داعش، وحماية حقوق الإنسان، ووجود جماعات مسلحة أجنبية، إلا أن تخفيف العقوبات لم يكن مشروطاً بأي تحرك فوري من دمشق.
وقد وصف مراقبون سياسيون القرار بأنه رهان محسوب. وعلّق الباحث السوري رضوان زيادة قائلاً إن رفع العقوبات يضع العلاقات السورية-الأمريكية على “مسارين متوازيين” أحدهما اقتصادي والآخر دبلوماسي. وأشار إلى أن التطبيع قد يسير وفق جدول زمني مختلف وشروط مختلفة، لكن البادرة الاقتصادية تمثل انفتاحاً استراتيجياً.
ويرى محللون أن خطوة ترامب تعكس دوافع جيوسياسية أوسع، تشمل مواجهة النفوذ الإيراني والروسي، وإعادة تصوير سوريا كشريك إقليمي محتمل بدلًا من خصم دائم. من جهته، رحب الرئيس السوري أحمد الشرع بالقرار في خطاب متلفز، واصفاً إياه بأنه “شجاع وتاريخي”.
وبينما تتواصل النقاشات حول التوقعات الأمريكية على المدى البعيد، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي، أكد المسؤولون الأمريكيون مرارًا أن رفع العقوبات لم يكن ورقة مساومة. وكما قال ميتشل: “نحن نريد أن نرى تقدماً — لكن هذه الخطوة كانت لمنح سوريا المساحة لبدء ذلك التقدم بشروطها الخاصة”.