
دخل قرار الاتحاد الأوروبي الشامل برفع معظم العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا حيز التنفيذ يوم الأربعاء 28 مايو/أيار، مُمثلاً بذلك تحولاً يهدف إلى دعم تعافي البلاد بعد الصراع. ومع ذلك، وبالتزامن مع هذا الإعلان، تحرك الاتحاد الأوروبي لتمديد وتشديد العقوبات المُستهدفة ضد الأفراد والجماعات المرتبطة بنظام الأسد المخلوع، مُشيراً إلى استمرار التهديدات لأمن سوريا وتقدمها الانتقالي.
ووصف قرار مجلس الاتحاد الأوروبي، المُعلن رسمياً في جريدته الرسمية بتاريخ 27 مايو/أيار، رفع القيود الاقتصادية بأنه “إنجاز تاريخي”، يهدف إلى تعزيز “الأمن والاستقرار والازدهار” في سوريا. ويرفع القرار العقوبات الشاملة التي فُرضت عام 2011 على جميع القطاعات، بما في ذلك حظر المعاملات المالية ومشاريع البنية التحتية والتجارة مع مؤسسات الدولة.
ومع ذلك، أكدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كلاس، أن الإجراءات الأمنية لا تزال سارية. وقالت في مؤتمر صحفي عُقد في بروكسل: “هذا ليس تأييداً شاملاً للوضع الراهن. دعمنا للشعب السوري – وليس لمن يستخدمون العنف”.
فلول النظام ومنتهكو حقوق الإنسان
مع تخفيف القيود الاقتصادية، جدد الاتحاد الأوروبي العقوبات – حتى 1 يونيو/حزيران 2026 – على أفراد وكيانات مرتبطة بنظام الأسد المخلوع. وأشار قرار المجلس إلى مخاوف بشأن “احتمال عودة نفوذ فلول النظام السابق”، محذرًا من أن الشبكات المرتبطة بعائلتي الأسد ومخلوف لا تزال نشطة داخل سوريا وخارجها.
مستشهدًا بأعمال العنف الدامية التي اندلعت في مارس/آذار 2025 على الساحل السوري، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة بموجب نظامه العالمي للعقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان على ضابطين وثلاثة فصائل مسلحة. وقد أُدرج العميد محمد حسين الجاسم (أبو عمشة)، من فرقة السلطان سليمان شاه، والعميد سيف بولاد من فرقة الحمزة، على قوائم العقوبات لضلوعهما في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والتهجير القسري والقتل خارج نطاق القضاء.
كانت الفصائل المستهدفة – فرقة السلطان سليمان شاه، وفرقة الحمزة، وفرقة السلطان مراد – جزءًا من الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. كما اتهم الاتحاد الأوروبي هذه الكيانات بارتكاب انتهاكات ممنهجة، ليس فقط داخل سوريا، بل أيضًا في ساحات صراع خارجية مثل ليبيا وناغورنو كاراباخ والنيجر. وتشمل العقوبات تجميد الأصول، وحظر السفر، وحظر الدعم الاقتصادي.
الأسلحة الكيميائية والمساءلة لا تزالان مصدر قلق رئيسي
كما سلّط المجلس الضوء على قضية الأسلحة الكيميائية السورية التي لم تُحلّ بعد. وذكر أن أكثر من 100 موقع كيميائي مشتبه به لا يزال موجودًا، وهو عدد يتجاوز بكثير تقديرات ما قبل عام 2025. ووصف الاتحاد الأوروبي تفكيك هذه المخزونات بأنه “أولوية”، وربطه مباشرةً بسلامة المدنيين السوريين.
على الرغم من الانفتاح الاقتصادي، كرّر الاتحاد الأوروبي دعمه لحكومة انتقالية قائمة على المساءلة والتشاركية. وقال المجلس: “إن رفع العقوبات جزء من نهج تدريجي وقابل للعكس. وهو مشروط باحترام السلطات الانتقالية لحقوق الإنسان وسيادة القانون”.
موازنة الحوافز مع الضغط
تعكس سياسة المسار المزدوج سعي الاتحاد الأوروبي إلى الموازنة بين تحفيز إعادة الإعمار ومواصلة الضغط على الجهات التي يُنظر إليها على أنها مزعزعة للاستقرار. وصرح مايكل أونماخت، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، بأن تخفيف العقوبات يهدف إلى “مساعدة سوريا على تجاوز التحديات والمضي قدمًا نحو الاستقرار”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن “علاقتنا مع السوريين لا حدود لها”.