
بدأ دمج آلاف المتطوعين الأجانب ضمن الجيش السوري الجديد في خطوة لافتة تعكس تحوّلاً واضحاً في السياسة الأمريكية تجاه سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، لوكالة “رويترز” أن واشنطن تدعم خطة الحكومة السورية الانتقالية، التي تنص على دمج نحو 3500 “مقاتل أجنبي” ضمن المؤسسة العسكرية السورية. وقال باراك: “أستطيع القول إن هناك تفاهمًا، بشفافية كاملة”، مشددًا على أهمية إبقاء هؤلاء الأفراد “ضمن المشروع الوطني بدلاً من تهميشهم”.
يأتي هذا القرار بعد إعادة ترتيب شاملة في السياسة الأمريكية. ففي جولة له بالشرق الأوسط في مايو، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ سنوات، كما التقى بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، وهي خطوة يُعتقد أنها مهدت لتنسيق أعمق بين واشنطن ودمشق في ملفات الأمن والاستقرار.
نموذج للدمج؟
وصف المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، العقيد حسن عبد الغني، المتطوعين الأجانب بأنهم جزء فاعل من الجيش. وفي تصريحات لقناة “العربية”، قال عبد الغني: “هذه المجموعات قدمت الكثير وضحّت من أجل الشعب السوري… وهم من أكثر العناصر التزامًا داخل وزارة الدفاع”، مضيفًا أن هؤلاء المقاتلين مطالبون بالامتثال لـعقيدة الجيش السوري وانضباطه العسكري.
المتطوعون الأجانب—ومعظمهم من الإيغور القادمين من الصين وآسيا الوسطى—كانوا يقاتلون سابقاً ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، التي قادت الهجوم الأخير ضد نظام الأسد. وقد شكّلت مشاركتهم إشكالية كبيرة للغرب، إذ طالبت الولايات المتحدة ودول أوروبية في وقت سابق من مايو بإبعادهم عن الهيكل العسكري السوري.
ونقلت “رويترز” عن ثلاثة مسؤولين في وزارة الدفاع السورية (لم تُكشف أسماؤهم) تأكيدهم على إقرار خطة دمج هؤلاء المقاتلين، موضحين أن الخطوة تهدف جزئياً إلى حمايتهم من الوقوع في فخ الجماعات المتطرفة كتنظيم داعش أو القاعدة، في حال تم تهميشهم أو استبعادهم من المشروع الوطني.
تفكيك الماضي وبناء المستقبل
أعلن “الحزب الإسلامي التركستاني” – إحدى أبرز الفصائل المقاتلة – حل نفسه رسميًا وانخراطه الكامل ضمن الدولة السورية الجديدة. وصرّح المسؤول السياسي في الحزب، عثمان بُغرا، في رسالة لـ”رويترز” أن “الجماعة باتت تعمل بشكل كامل تحت إشراف وزارة الدفاع، ولا تربطها أي صلة بأطراف خارجية”.
من جهته، أوضح وزير الدفاع السوري، اللواء الركن مرهف أبو قصرة، أن الجنود الجدد سيخضعون للتأهيل في الكلية العسكرية، وسيمرّون عبر آلية تدقيق وفحص قبل منحهم رتبًا رسمية. وأشار أبو قصرة، وهو نفسه قيادي سابق في هيئة تحرير الشام، إلى أن الترقيات ستُمنح بناءً على الخدمة والتدريب والأقدمية.
وفيما تدفع الحكومة الانتقالية السورية باتجاه إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، تواجه تحديًا بالغ الحساسية يتمثل في التنسيق مع الشركاء الإقليميين، وتحقيق الاستقرار الداخلي، ومعالجة إرث أكثر من عقد من الحرب. ولا تزال التداعيات بعيدة المدى لهذه الخطوة غير واضحة، بينما امتنعت كل من وزارة الخارجية الأمريكية والمسؤولين السوريين عن تعليق إضافي عند تواصل “رويترز” معهم بهذا الخصوص.