ستعود سوريا إلى نظام سويفت الدولي للمدفوعات خلال أسابيع، مما يُمثل خطوةً رئيسيةً في مساعي البلاد لإنعاش اقتصادها وإعادة اندماجها في الأسواق العالمية بعد أكثر من عقد من الحرب والعزلة، وفقًا لحاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية.
تُمثل العودة إلى سويفت، الذي أُكد في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز نُشرت يوم الاثنين، أول إنجاز اقتصادي كبير للحكومة الانتقالية التي حلت محل نظام الأسد في ديسمبر الماضي. تأتي هذه الخطوة بعد أسابيع فقط من رفع الولايات المتحدة للعقوبات، مما فتح الباب أمام سوريا لاستئناف المعاملات المالية وجذب الاستثمارات الدولية.
الإصلاح المصرفي في صميم الانتعاش الاقتصادي
صرح حصرية، الذي تولى منصبه في أبريل، بأن المصرف المركزي وضع خطةً مفصلةً تتراوح مدتها بين ستة أشهر واثني عشر شهرًا لإعادة هيكلة السياسة النقدية والقطاع المصرفي في سوريا. وقال لصحيفة فاينانشال تايمز: “نهدف إلى تعزيز صورة البلاد كمركز مالي في ضوء الاستثمار الأجنبي المباشر المتوقع في إعادة الإعمار والبنية التحتية – وهذا أمر بالغ الأهمية”.
تهدف هذه الإصلاحات إلى إنهاء سنوات من السيطرة الاقتصادية الصارمة في ظل النظام السابق، الذي أدار النظام المالي، وقيّد الإقراض، وفرض قيودًا صارمة على عمليات السحب. تتضمن خطة حصرية إعادة رسملة البنوك، وتخفيف القيود التنظيمية، واستعادة دورها كوسيط بين الشركات والأسر.
ولدعم استقرار القطاع الخاص، يعتزم البنك المركزي إنشاء مؤسسة حكومية جديدة لضمان ودائع البنوك الخاصة، مع مواصلة دعم القطاع المصرفي العام. ويقول المسؤولون إن هذه الإجراءات تهدف إلى استعادة الثقة في القطاع المصرفي الرسمي وتشجيع السوريين في المهجر على الاستثمار في وطنهم.
استقرار العملة وتحرير التجارة
لا تزال العملة السورية المتعثرة، والتي فقدت، وفقًا لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، ما يقرب من 90% من قيمتها قبل الإطاحة بالأسد، متقلبة. وأوضح “حصرية” أن البنك المركزي ينتقل نحو تعويم مُدار، ويعمل على سد الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء. وأضاف أن إعادة تأسيس نظام سويفت سيساعد في تقليل اعتماد البلاد على شبكات تحويل الأموال غير الرسمية، التي كانت مكلفة وعرضة للفساد.
وقال: “تتمثل الخطة في أن تتم جميع عمليات التجارة الخارجية الآن عبر القطاع المصرفي الرسمي”، مشيرًا إلى أن القنوات غير الرسمية كانت تفرض رسومًا تصل إلى 40 سنتًا للدولار. ومن المتوقع أيضًا أن يُعزز إضفاء الطابع الرسمي على المعاملات إجراءات مكافحة غسل الأموال ويُبسط صرف المساعدات، التي أعاقتها العقوبات وغياب سويفت.
شركاء دوليون يُعربون عن دعمهم
في حين استبعدت الحكومة الاقتراض، فإنها تدرس إصدار صكوك إسلامية، وهي شهادات مالية إسلامية، تُشبه السندات في التمويل الغربي، لجمع رأس المال دون انتهاك المحظورات الدينية المتعلقة بالربا. وقد أرسل كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وفودًا إلى دمشق لإجراء محادثات تمهيدية. في غضون ذلك، قامت المملكة العربية السعودية وقطر بتسوية ديون سوريا البالغة 15.5 مليون دولار للبنك الدولي، وتعهدتا بتمويل رواتب القطاع العام لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
رغم التحديات، تبدو الحكومة الانتقالية عازمة على تسريع الإصلاحات. وصرح حصرية: “شهدنا إصدار تراخيص وتخفيفًا انتقائيًا للعقوبات. لكن التغيير الحقيقي يتطلب تطبيقًا شاملًا”.
