
تتسارع جهود إعادة الإعمار في سوريا مع تجدد المشاركة الدولية ومبادرات التنمية الكبرى التي تستهدف البنية التحتية المتهالكة للبلاد، وخاصة في قطاعي الاتصالات والطاقة.
أكد المبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، هذا الأسبوع أن رفع العقوبات قد مهد الطريق لعودة الشركات السورية الأمريكية. ونشر باراك في 18 يونيو/حزيران على منصة X: “الشركات السورية الأمريكية تعود إلى البلاد بعد أن أمر الرئيس برفع العقوبات”. وسلط باراك الضوء على الأهمية الاستراتيجية لاستعادة شبكات الاتصالات، واصفًا إياها بأنها أساسية لمساعدة السوريين على استعادة تواصلهم مع تراثهم الثقافي وإمكاناتهم الاقتصادية.
الاتصالات والتكنولوجيا
من بين الشركات العائدة شركة Tecore Networks، وهي شركة متخصصة في البنية التحتية اللاسلكية أسسها رائد الأعمال السوري الأمريكي جهاد سلقيني. عملت Tecore سابقًا في شمال سوريا ولعبت دورًا رئيسيًا في نشر خدمات الجيل الرابع والخامس. وصرح سلقيني، الذي يرأس أيضًا شركة FSN Telecom، بأن هذه الجهود تُرسي أسس “مستقبل اتصالات عصري في سوريا”. ومن المتوقع أن تُسهم الشركتان بشكل كبير في مشروعي البنية التحتية الرقمية الجاري تنفيذهما، أوغاريت 2 وبرق نت، اللذين تقودهما وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السورية.
يهدف مشررع برق نت، الذي سيوصل كابلات الألياف الضوئية مباشرةً إلى المنازل والشركات، إلى الوصول إلى 85% من الأسر السورية بحلول نهاية عام 2025. ووفقًا للوزارة، سيجري التنفيذ من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، باستخدام معدات من موردين عالميين ومقاولين سوريين لتركيب الكابلات.
استثمارات الطاقة والكهرباء
إلى جانب قطاع التكنولوجيا، تُبدي مؤسسات التنمية العالمية اهتمامًا متجددًا. صرح عبد الحميد الخليفة، المدير العام لصندوق أوبك للتنمية الدولية، بأن الصندوق يستعد لإعادة انخراطه في سوريا بعد تعليق عملياته عام ٢٠١١. وفي حديثه مع مجلة “اقتصاد الشرق”، أكد الخليفة على الروابط التاريخية للصندوق مع القطاع الخاص السوري، وأشار إلى وجود مناقشات جارية مع المسؤولين السوريين بشأن إعادة الدعم، لا سيما في مشاريع الطاقة والكهرباء.
كما أكد صندوق النقد الدولي على الحاجة الملحة إلى مساعدة مالية مستدامة. وفي بيان صدر في ١٠ يونيو/حزيران، دعا الصندوق إلى “دعم مالي بشروط ميسرة ومساعدة في تنمية القدرات” لمساعدة السلطات السورية على تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة بناء المؤسسات الحيوية.
وأكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية أن منحة من البنك الدولي بقيمة 146 مليون دولار قيد المراجعة، وتهدف إلى إصلاح خطوط نقل الكهرباء التي تربط سوريا بالأردن وتركيا. وقال برنية: “لمسنا اهتمامًا حقيقيًا من أوبك وصندوق النقد الدولي بمساعدة سوريا في إعادة الإعمار”، مؤكدًا على خطة الوزارة للاستفادة القصوى من جميع المنح الدولية المتاحة بالتنسيق مع الجهات المحلية.
الشراكات التجارية الدولية
تتبلور جهود سد الفجوة التجارية بين سوريا والولايات المتحدة. يهدف مجلس الأعمال الأمريكي السوري، الذي أُطلق حديثًا بدعم من وزارة الاقتصاد السورية ومقره واشنطن العاصمة، إلى تسهيل التجارة والاستثمار الثنائيين. ووصف بيان المجلس المبادرة بأنها “منصة فعّالة للتعاون الاقتصادي”، عقب اجتماع بين الرئيس أحمد الشرع والرئيس السابق دونالد ترامب.
مع تشكّل شراكات جديدة واستهداف قطاعات رئيسية للإنعاش، يبدو أن مسار سوريا نحو التعافي الاقتصادي يدخل مرحلة محورية. وسيعتمد مدى هذا التقدم واستدامته بشكل كبير على استمرار التنسيق والاستثمار الأجنبي وإعادة بناء المؤسسات.