
أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن هضبة الجولان “غير قابلة للتفاوض”، مضيفًا: “نحن نرغب في سلام حقيقي مع جيراننا، لكن هضبة الجولان ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وهذا أمر محسوم”.
ومع تراجع التوترات عقب النزاع الأخير بين إسرائيل وإيران، بدأ الحديث يدور حول إمكانية إعادة فتح قنوات دبلوماسية بين إسرائيل وسوريا. وبحسب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، فإن التغير الإقليمي يفتح نافذة نادرة لإعادة النظر في المفاوضات المتوقفة منذ زمن طويل بين تل أبيب ودمشق، رغم وجود عقبات كبيرة.
واشنطن تشير إلى دعم الحوار
في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية، صرّح باراك أن الحرب مع إيران “خلقت فرصة لنا جميعًا لنقول: توقفوا، ولنبدأ طريقًا جديدًا”. وأشار إلى أن مسؤولين إسرائيليين يجرون حوارًا سريًا مع الحكومة السورية، يتركز أساسًا على قضايا أمن الحدود.
وأكد باراك أن الرئيس السوري أحمد الشرع “أوضح أنه لا يريد العداء مع إسرائيل، ويريد السلام على هذه الحدود”. ورغم أن هذه التصريحات قد تشير إلى بداية انفراج في حالة العداء المستمرة منذ عقود، إلا أن المسؤولين السوريين شددوا مرارًا على أن أي اتفاق يجب أن يبدأ بانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي السورية المحتلة.
دمشق تطالب بانسحاب إسرائيلي كامل
جدد المسؤولون السوريون موقفهم بأن حكومة دمشق لن تنظر في أي مبادرة دبلوماسية لا تؤدي إلى استعادة السيادة السورية الكاملة على الأراضي المحتلة، بما في ذلك كامل هضبة الجولان. وقد أكدت إدارة الرئيس الشرع أنه لا يمكن تحقيق أي اتفاق سلام دون انسحاب إسرائيلي شامل، ولن تعترف سوريا بأي تغييرات على حدودها المعترف بها دوليًا.
ومع ذلك، أصر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على أن “هضبة الجولان غير قابلة للتفاوض”، مضيفًا: “نحن نرغب في سلام حقيقي مع جيراننا، لكن الجولان سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وهذا أمر محسوم”.
وبحسب مصادر نقلتها قناة i24NEWS، فإن الطرفين يناقشان احتمال “انسحاب تدريجي” من الأراضي التي دخلتها إسرائيل في أواخر عام 2024، بما في ذلك جبل الشيخ، كجزء من اتفاق سلام مقترح. وتشير الخطة إلى تحويل أجزاء من الجولان إلى “حديقة سلام” منزوعة السلاح.
يتماشى هذا الموقف مع قرارات مجلس الأمن الدولي طويلة الأمد، ويعكس رفض سوريا لأي حلول جزئية أو رمزية. كما أشار الدبلوماسيون السوريون إلى استمرار الاختراقات الإسرائيلية في جنوب القنيطرة ومناطق حدودية أخرى، باعتبارها انتهاكًا للقانون الدولي وللاتفاقية الموقعة عام 1974 بشأن فض الاشتباك.
مناقشة دور قوات الأمم المتحدة (الأندوف)
تماشيًا مع هذه المخاوف، أبدى كل من دمشق ومسؤولي الأمم المتحدة اهتمامًا بإعادة تفعيل الوجود الكامل لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF). وقد تراجع دور هذه البعثة، التي تراقب خط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل منذ عام 1974، في السنوات الأخيرة بسبب التحركات العسكرية الإسرائيلية. وأكد باراك أهمية العودة إلى “الأطر المتفق عليها” لتحقيق الاستقرار.
ورغم تأكيد باراك على بدء محادثات غير مباشرة، فقد أقر بوجود تحديات كبيرة. إذ لا تزال القيادة الإسرائيلية متمسكة علنًا بموقفها القاضي ببقاء الجولان تحت سيطرتها، وهو ما ترفضه سوريا تمامًا.
ومع ذلك، وصف المبعوث الأميركي اللحظة الحالية بأنها نقطة تحول، قائلاً: “لدينا فرصة لتغيير المسار، ويبدأ ذلك بحوار مباشر وصادق، واحترام الخطوط التي رسمها القانون الدولي”.