وصلت المفاوضات الجارية بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من الولايات المتحدة، إلى طريق مسدود، حيث يُلقي مسؤولون ومصادر مقربة من المحادثات باللوم في هذا الجمود على عدم استعداد قسد للتنازل عن القضايا الرئيسية المحددة في اتفاق 10 مارس/آذار.
على الرغم من الوساطة النشطة التي قام بها المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، ومشاركة مراقبين أوروبيين، بمن فيهم فرنسا، اختتمت الجولة الأخيرة من المناقشات دون تحقيق اختراقات كبيرة. ووفقًا لمصادر تحدثت إلى Levant24، جددت الحكومة التزامها بالوحدة الوطنية ودمج جميع المؤسسات المحلية والقوات العسكرية في ظل دولة سورية مركزية، رافضةً في الوقت نفسه مطالب اللامركزية أو الفيدرالية.
مأزق أحادي الجانب
لا تزال قوات سوريا الديمقراطية (SDF) تُصرّ على الحفاظ على هيكلها العسكري وتعزيز نموذجها للحكم اللامركزي في شمال شرق سوريا. وتعتبر دمشق هذه المواقف مُتعارضة مع السيادة السورية وأحكام الاتفاق المُوقّع في مارس/آذار بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي.
أفاد مصدر لـ Levant24: “لا تزال الحكومة السورية مُلتزمة بوحدة الوطن وإشراك جميع المواطنين في مؤسسات الدولة. لكن التقدم المُجدي يتطلب مرونة مُتبادلة، وهو ما لم تُبدِه قوات سوريا الديمقراطية”.
وأضاف المسؤولون أن قوات سوريا الديمقراطية رفضت جميع الحلول التي اقترحتها وزارات الخارجية والداخلية والدفاع السورية خلال المحادثات الأخيرة، مما دفع الوفد الأمريكي إلى الانسحاب من الجلسة بسبب إحباطه.
احتكاكات إقليمية وتحديات محلية
تأتي المحادثات في ظل توترات داخلية مُتصاعدة داخل قوات سوريا الديمقراطية نفسها. ففي الشهر الماضي، اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية ما لا يقل عن 20 قائدًا عربيًا في دير الزور، مما أثار اتهامات بالتهميش وإساءة استخدام السلطة. انتقد زعماء القبائل المحلية ما اعتبروه حملةً لتطهير المناصب الرئيسية من النفوذ العربي، مما يزيد من تعقيد أي مصالحة مستقبلية مع دمشق.
كان الجانبان الأمريكي والسوري يأملان أن يُشكّل اتفاق 10 مارس/آذار إطارًا لإعادة دمج الشمال الشرقي بالكامل – بما في ذلك موارده النفطية والغازية – في الدولة السورية. كما وعد الاتفاق بضمانات دستورية للمواطنين الأكراد، وشدّد على رفض الطائفية والانقسام.
إلا أن التحركات الأخيرة للإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا لتحدي العملية الدستورية والسعي للحصول على تنازلات جديدة أثارت انتقادات من الحكومة السورية والمراقبين الغربيين على حد سواء.
الوقت ينفد
لا تزال الولايات المتحدة وفرنسا تُشاركان في الإشراف على تنفيذ اتفاق مارس/آذار، المقرر إتمامه بنهاية هذا العام. وقد حذّرت دمشق من أن استمرار التأخير يُنذر بتعميق حالة عدم الاستقرار وإطالة أمد الفراغ الإداري في شمال شرق سوريا.
وقال مسؤول سوري: “الطريق إلى الأمام قائم. لكن إذا استمرت قوات سوريا الديمقراطية في وضع مطالب أيديولوجية متشددة فوق الوحدة الوطنية، فسيظل التقدم متعثرًا”.
أكدت الحكومة السورية أن المجتمع الكردي يبقى مكونًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي السوري، وشجعت جميع الأطراف على العودة إلى مبادئ الوحدة الوطنية والسيادة. وقال باراك: “على قوات سوريا الديمقراطية أن تتقبل أن سوريا بلد واحد، جيش واحد، شعب واحد. لن تنجح الفيدرالية هنا”. وأكد أن “الطريق الوحيد لمفاوضات قوات سوريا الديمقراطية هو الطريق إلى دمشق”.
