
بدأت لجنة التحقيق في مصير أطفال المعتقلين والمختفين قسرًا عملها رسميًا الأسبوع الماضي من خلال مؤتمر صحفي استعرضت فيه منهجها وتعهدت بالشفافية. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود أوسع لمعالجة قضية الاختفاء القسري الممتدة لعقود، وذلك بموجب القرار الوزاري رقم 1806.
تعمل اللجنة بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وترأسها الدكتورة رغداء زيدان، وتضم ممثلين عن وزارات الداخلية والعدل والأوقاف، إلى جانب منظمات المجتمع المدني، ونشطاء حقوق الإنسان، وعائلات المختفين. وأكدت زيدان أن الهدف الأساسي للجنة هو معرفة مصير الأطفال المفقودين، ومحاسبة المتورطين، ولمّ شمل الأطفال الناجين مع عائلاتهم ما أمكن.
اعتقالات أولية تكشف عن انتهاكات جسيمة
قامت السلطات باعتقال وزيرتي الشؤون الاجتماعية والعمل السابقتين ريما القادري وكندة الشماط، في إطار التحقيق. كما تم توقيف كل من ندى الغبرة ولمى الصواف من ميتم “لحن الحياة”، ورنا البابا مديرة جمعية “المبرّة”، بالإضافة إلى آخرين.
وأعلنت اللجنة في بيانها الأول عقب الاعتقالات أنها تملك أدلة موثوقة تشير إلى وجود انتهاكات قانونية متعلقة باختفاء الأطفال واستغلالهم في دور الرعاية خلال عهد نظام الأسد.
وأكد القاضي حسام خطاب من وزارة العدل أن التحقيقات تجري بإشراف قضائي مباشر، وتشمل التتبّع القانوني لحالات التبني غير المشروع، وتزوير أوراق النسب، والسفر غير القانوني للقاصرين.
صعوبات في تعقب المفقودين
أوضح ممثل وزارة الداخلية سامر قربي أن التوقيفات جاءت استجابة لشكاوى من عائلات الأطفال تتعلق بالإخفاء وسوء المعاملة. وقد بدأت اللجنة زيارات ميدانية للمؤسسات الحكومية للاطلاع على السجلات والتحقق من المعلومات.
وأشارت ملك عودة، ممثلة عن عائلات المفقودين، إلى وجود تحديات كبيرة، أبرزها غياب الوثائق الخاصة بالأطفال المولودين داخل مراكز الاعتقال، وانهيار نظام السجلات في الأيام الأخيرة من حكم النظام. وقالت: “العديد من سجلات دور الرعاية دُمّرت أو فُقدت بعد سقوط النظام”.
واقترحت اللجنة إجراء فحوصات DNA لمطابقة الأطفال الموجودين في الرعاية مع أقربائهم المحتملين، إلى جانب وضع أطر قانونية لحماية من لا تزال هوياتهم مجهولة.
دعوة للتعاون العام
أطلقت اللجنة خطين هاتفيين: الأول لتلقي المعلومات، والثاني للاستشارات القانونية. ودعت المواطنين والعائلات لتقديم أي مستندات أو معلومات يمكن أن تساعد في كشف مصير الأطفال المفقودين.
وأكدت اللجنة أن جميع البلاغات ستُعامل بسرية تامة، وأنها ستواصل إصدار تحديثات دورية والتعاون مع الرأي العام. وقالت رغداء زيدان: “بناء الثقة مع العائلات أمر أساسي، وهو السبيل الوحيد لكشف الحقيقة”.
ومع شروع سوريا في مواجهة إرثها الدموي، يبقى مصير أطفالها المفقودين من أكثر الأسئلة إيلامًا وحاجة للإجابة.