دفعت أيام من الاشتباكات الدامية بين الجماعات العشائرية والفصائل المحلية في السويداء إلى تدخل شامل من قبل الحكومة السورية، التي تؤكد أنها لن تتراجع حتى بسط سلطة الدولة بالكامل في المحافظة المحاصرة.
أسفرت أعمال العنف، التي اندلعت على خلفية سلسلة من عمليات الخطف المتبادلة، عن مقتل أكثر من 30 شخصًا وإصابة ما لا يقل عن 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال، وفقًا لوزارة الداخلية السورية. وبلغت المواجهات المسلحة ذروتها يوم الأحد في قرية المقوس والمناطق المحيطة بها، تلتها هجوم صباح الاثنين على وحدات الجيش من قبل ما وصفه المسؤولون بـ”الجماعات الخارجة عن القانون”. أفادت التقارير بمقتل ثمانية عشر جنديًا وإصابة أو أسر آخرين.
الدولة تسعى لاستعادة السيطرة
ردًا على ما وصفته بـ”تهديد خطير للسلم الأهلي”، أعلنت وزارة الداخلية عن نشر منسق لقوى الأمن الداخلي والوحدات العسكرية في جميع أنحاء السويداء. وفي بيان صدر يوم الاثنين، أكدت الوزارة أن مهمتها هي حماية المدنيين، واستعادة الاستقرار، وإعادة إرساء سيادة القانون.
وقالت الوزارة: “إن الفراغ المؤسسي سمح بانتشار الفوضى وأعاق جهود التهدئة”، مؤكدةً أن قواتها تعمل بحيادية لحماية جميع المواطنين.
وأكدت وزارة الدفاع هذا الموقف، مؤكدةً أن تدخل الجيش يهدف إلى وقف إراقة الدماء ونزع سلاح الفصائل المسلحة الخارجة عن القانون. وقال المتحدث باسم الوزارة: “لن يكون هناك تراجع، نرحب بأي مبادرة تعزز السلم الأهلي، ولكن يجب استعادة الأمن تحت مظلة الدولة”.
تزايد المخاوف الإقليمية والدولية
أثارت الاضطرابات قلقًا إقليميًا، لا سيما إزاء التدخل الأجنبي المحتمل. حذّر وليد جنبلاط، الزعيم الدرزي في لبنان، من التدخل الدولي. وقال لصحيفة النهار: “نرفض الدعوات للحماية الأجنبية والإسرائيلية. نأمل أن يعود الأمن والوئام إلى السويداء من خلال حل سياسي وتحت رعاية السلطة السورية التي نتواصل معها”.
جاءت تصريحاته عقب بيان صادر عن حكمت الهجري دعا فيه إلى “حماية دولية”، وتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، الذي أكد شنّ غارات على أهداف عسكرية سورية. وقال كاتس: “ضرب الجيش الإسرائيلي أهدافًا في سوريا كتحذير واضح للنظام، لن نسمح بإلحاق الأذى بالدروز، وإسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي”.
نداءات دولية ومحلية من أجل الاستقرار
أعربت جهات دولية فاعلة، بما في ذلك الأمم المتحدة والسفارة الألمانية في دمشق، عن قلقها. ودعت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة، نجاة رشدي، إلى اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين ومنع المزيد من التحريض، مشددةً على ضرورة حوار سياسي شامل.
على الصعيد المحلي، أكد قادة السويداء، بمن فيهم حسن الأطرش ومسؤولون حكوميون، أن الطريق الوحيد للمضي قدمًا هو من خلال سلطة الدولة. وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع، العقيد حسن عبد الغني، قائلاً: “إن الأحداث المأساوية في السويداء نتيجة مباشرة للفراغ المؤسسي والإداري في المحافظة”.
وتؤكد الحكومة السورية أنها ليست طرفًا في الصراعات الداخلية، بل هي ضامنة للاستقرار. وأضاف عبد الغني: “نؤكد التزامنا الكامل بإنهاء الفوضى وحماية سلامة وكرامة أهلنا في السويداء. لقد عُرقل دخول مؤسسات الدولة مرارًا وتكرارًا، لكنها الآن تستجيب لنداءات أهلها”.
