
في أعقاب اتفاق أمني وانسحاب قوات الحكومة السورية، شنت ميليشيات مسلحة تابعة لحكمت الهجري حملة عنف مستهدفة الأقلية البدوية في محافظة السويداء، مما أسفر عن عمليات قتل جماعي وحرق منازل ونزوح واسع النطاق.
أدى هذا العنف، الذي وصفته مصادر محلية ومراقبو حقوق الإنسان بأنه ممنهج وذو دوافع عرقية، إلى نزوح مئات العائلات البدوية من منازلها. ويقول السكان والناشطون إن الميليشيات، التي تعمل تحت ستار الأمن المحلي، ترتكب ما يرقى إلى مستوى التطهير العرقي.
مدنيون من البدو عالقون في تبادل إطلاق النار
نشرت الحكومة السورية قواتها في السويداء في البداية لاحتواء الاشتباكات المتصاعدة بين الفصائل الدرزية والجماعات البدوية. ومع ذلك، في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على المواقع العسكرية السورية واتفاق الهدنة اللاحق مع القادة المحليين، سحبت وزارة الدفاع السورية قواتها من المحافظة.
كان الانسحاب، الذي أعلنته وزارة الداخلية يوم الأربعاء، يهدف إلى تهدئة التوترات من خلال نقل المسؤوليات الأمنية إلى الفصائل المحلية والقادة الدروز. بدلاً من ذلك، شجع فراغ السلطة العناصر المسلحة داخل الطائفة الدرزية الموالية للهجري.
ووفقًا لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، اقتحمت الميليشيات حي المقوس وعدة قرى ريفية في وقت مبكر من يوم الخميس. وذكر التقرير أن “مجموعات خارجة عن القانون هاجمت المدنيين وارتكبت مجازر بحق النساء والأطفال ونفذت إعدامات ميدانية”.
صرح صبحي البداح، أحد سكان المقوس، لوسائل إعلام محلية أن عائلات بأكملها أُجبرت على الفرار تحت تهديد العنف. قال: “كل من يقع في أيدي هذه الميليشيات يُقتل. تُحرق المنازل، ويُنهب كل ما بداخلها”.
المدنيون يفرون بلا مأوى أو مساعدة
أدى هذا الوضع إلى أزمة إنسانية. فرت أكثر من 500 عائلة بدوية إلى ريف درعا، ولجأ الكثيرون إلى المساجد والمدارس أو الأراضي الزراعية المفتوحة دون الحصول على الضروريات الأساسية. ولا يزال آخرون عالقين في بلدات محاصرة مثل شهبا، وفقًا لتقارير محلية.
وقال بدر البكار، الذي لقي أقاربه حتفهم في أعمال العنف، إن مقاتلين دروزًا أغاروا على عدة قرى، وأطلقوا النار على المدنيين الفارين. وأضاف: “إنهم معرضون لخطر الوقوع في أيدي الجماعات المسلحة”. ووفقًا للإحصاءات الأولية من مصادر محلية، قُتل ما لا يقل عن 100 مدني من أبناء العشائر البدوية – بينهم نساء وأطفال – فيما وصفه شهود عيان بأنه إعدامات ميدانية.
التداعيات السياسية والنداءات العاجلة
شنّت قوات القبائل البدوية هجومًا مضادًا، واستعادت السيطرة على بعض القرى. وصرح قائد بدوي لرويترز بأن الهدنة “تنطبق فقط على الحكومة” وليس على جهود المقاومة المحلية الرامية إلى حماية المدنيين وتحرير الرهائن.
انتشر وسم #أنقذوا_بدو_السويداء على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الخميس، معززًا نداءات الاستغاثة من المجتمعات المتضررة، ومُشاركًا صورًا مروعة لعائلات نازحة ومنازل محروقة.
في خطاب متلفز، دافع الرئيس أحمد الشرع عن قرار الحكومة، مؤكدًا أن “الأمن سيحفظه المشايخ والفصائل الشرفاء”. ومع ذلك، ومع حصار المدنيين، يرى منتقدون بأن هذه السياسة مكّنت من العنف الطائفي بدلًا من منعه.
فيما تواصل جماعات حقوق الإنسان والسكان المناشدات بالتدخل العاجل وإعادة بسط سلطة الدولة لحماية جميع الطوائف – الدروز والبدو والمسيحيين – في محافظة السويداء.