
أثار دعم المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، لتصريحات قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، الأخيرة حول الوحدة مع دمشق، ردود فعل متباينة محليًا ودوليًا، وسط تصاعد حالة الشك في شمال شرق سوريا. جاءت هذه التصريحات في إطار سعي عبدي المتجدد لتأكيد التزامه بـ اتفاق 10 آذار مع الحكومة السورية، الذي ينص على دمج قسد ضمن وزارة الدفاع في هيكل جيش وطني موحد.
جدد باراك، المبعوث الأمريكي، دعم بلاده لـ “الحوار البنّاء الهادف إلى تعزيز الاندماج والوحدة”، مشيدًا بقيادة عبدي ودور الرئيس السوري أحمد الشرع بوصفهما “مركزيين لاستقرار سوريا”. جاءت تصريحاته بعد مقابلة متلفزة لعبدي أكد فيها أن “سوريا سيكون لها جيش واحد، لا اثنان”، في إشارة إلى التزامه المستمر باتفاق الوحدة ورفضه لأي فكرة للتقسيم.
تأكيد على الاتفاق وبطء بالتنفيذ
رغم تأكيد عبدي مجددًا على الاتفاق، فإن تعليقاته لم تختلف كثيرًا عن تصريحاته في الأشهر الماضية، ما يشير إلى بطء في تنفيذ اتفاق مارس/آذار. وأوضح وجود “اتصال يومي” مع دمشق، لكنه أشار إلى غياب التقدم في تشكيل لجان الاندماج، مبينًا أن المباحثات المرتقبة في باريس ستركز على آليات التنفيذ.
وعلى الرغم من وصفه الاتفاق كخطوة نحو المصالحة الوطنية والاندماج المؤسسي، أقر عبدي بوجود خلافات غير محسومة حول الضمانات الدستورية والحقوق الثقافية للمكونات السورية المختلفة، قائلًا: “لم نصل بعد إلى تفاهمات واضحة” بشأن حقوق السريان والآشوريين والأرمن.
تصاعد الانتقادات من داخل مناطق قسد
تأتي هذه التصريحات في ظل ازدياد الضغوط داخل مناطق سيطرة قسد، حيث أصدر عدد من الشخصيات السياسية والوجهاء والنشطاء في الرقة ودير الزور والحسكة مذكرة تطالب بحل قسد وإلغاء الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. وُجهت هذه الوثيقة إلى وزراء خارجية سوريا وفرنسا والولايات المتحدة، واتهمت قسد بممارسات سلطوية وتغيير ديموغرافي، مطالبةً بعودة الدولة المركزية لتولي إدارة الموارد والأمن.
وتضمنت المذكرة قائمة من تسعة مطالب، منها وقف التجنيد الإجباري، إغلاق معسكرات التدريب المسلح، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان. وشدد الموقعون على رؤيتهم لـ “المساواة في الحقوق تحت الدستور السوري”، ورفضهم إدماج السلطات الحالية ضمن مؤسسات الدولة بشكل كتلة متماسكة.
الحاجة إلى توافق وطني
وبينما تثني واشنطن على المبادرات الدبلوماسية، حذّر عبدي من أن النجاح السياسي مرهون بتوافق وطني أوسع وبناء الثقة. وأعرب عن قلقه من رفض دمشق الاعتراف بقسد كقوة مؤسساتية، معتبرًا أن التعامل معها كأفراد متفرقين “قد يُضعف فرص تحقيق نتائج”.
وفي وقتٍ يأمل فيه المبعوثون الغربيون بمستقبل آمن، تكشف الوقائع في شمال شرق سوريا عن منطقة عالقة بين دبلوماسية دولية، اضطرابات محلية، وتساؤلات وطنية لم تُحل بعد.