
أثار مؤتمر “وحدة موقف شمال شرق سوريا” الذي عُقد في 8 آب بمدينة الحسكة، انتقادات من دمشق وتركيا ومحللين إقليميين، معتبرين أن الحدث قوّض رسالته المعلنة والمفاوضات الجارية مع الحكومة السورية.
جمع المؤتمر شخصيات قبلية ودينية وسياسية، بينهم ضباط سابقون في جيش نظام الأسد، وأعضاء في حزب البعث، وممثلون عن مجموعات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وميليشيات مدعومة من إيران، ورعاة أجانب مثل إسرائيل وروسيا.
المحلل السوري-الأمريكي حسن حسن قال إن تشكيلة الحضور خدمت رواية الحكومة السورية الحالية: “دمشق لم تكن لتحلم بترتيب أفضل”، مشيراً إلى مشاركة شيخ درزي شكر إسرائيل على قصفها لسوريا، وحضور شخصيات معروفة بخطابها الطائفي.
حتى بعض المشاركين أبدوا اعتراضهم، إذ غادر زعيم قبلي الصفوف الأمامية أثناء كلمة حكمت الهجري، معلناً لاحقاً ولاءه لدمشق. كما أصدر مجلس القبائل الشركسية في سوريا بياناً رفض فيه استخدام هوية الأقليات لدعم مشاريع انفصالية، مؤكداً التمسك بوحدة سوريا واستقلالها.
خرق لاتفاق 10 آذار
وصف مصدر رسمي في الحكومة المؤتمر بأنه “خرق واضح” لاتفاق 10 آذار بين الحكومة و”قسد”، والذي ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في الشمال الشرقي ضمن هياكل الدولة. وأكد أن الحدث افتقر إلى التعددية، وشكّل منصة لشخصيات انفصالية، مما قوّض المحادثات التي كان من المقرر عقدها في باريس بمشاركة “قسد”.
كما انتقدت الحكومة دعوات المؤتمر إلى تشكيل “جيش وطني” جديد وإجراء تغييرات على التقسيمات الإدارية في سوريا، معتبرة أنها تتناقض مع الالتزام بوجود جيش واحد ودولة واحدة. وأضاف المصدر: “هذه محاولة لتدويل القضية السورية ودعوة للتدخل الأجنبي”، مشدداً على أن دمشق ستسعى لنقل جميع المفاوضات إلى العاصمة.
مؤتمر التناقضات؟
وأشار منتقدون إلى تناقضات بين خطاب المؤتمر وقائمة ضيوفه، حيث قارن بعض الحضور الحكومة الانتقالية السورية بحزب البعث، بينما استضافوا مسؤولين بعثيين سابقين، ونددوا بالاستبداد رغم تقارير منظمات حقوقية عن ممارسات قمعية في مناطق سيطرة “قسد” والإدارة الذاتية.
مدير إدارة الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبـي، قال: “لا يصح الحديث عن الوحدة ورفض التقسيم بينما تُعقد المؤتمرات على أسس طائفية وعرقية، ويُعاد تصدير رموز النظام [الأسدي] بأسماء جديدة”.
تداعيات إقليمية
أدانت تركيا، التي تعتبر “قسد” امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الاجتماع. وحذّر محللون من أن إشراك شخصيات مثل الهجري أو سيبان حمو، ممن لهم ولاءات متباينة لإسرائيل وإيران وروسيا، قد يعمّق الانقسامات في سوريا بدلاً من بناء توافق. ورأى المحلل السوري الأمريكي حسن حسن أن الحضور الإسرائيلي، حتى إلى جانب شخصيات ذات صلات إيرانية، يعكس هدفاً أوسع بـ “إبقاء البلاد ضعيفة ومنشغلة بصراعاتها الداخلية”.
ورغم أن قادة “قسد” وعلى رأسهم إلهام أحمد جددوا التزامهم بـ “وحدة الأراضي السورية” و”اتفاق 10 آذار”، إلا أن تداعيات مؤتمر الحسكة عززت الشكوك حول قدرة جهودها السياسية على مطابقة أهدافها المعلنة.