نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة توغلات هذا الأسبوع في محافظة القنيطرة جنوب سوريا، حيث فتحت النار في مناطق سكنية واعتقلت مدنيين. ووفقًا لوسائل إعلام محلية تابعة لـ “تجمع أحرار حوران”، دخلت القوات بلدتي كودنة وعين زيوان، وأطلقت النار على دراجات نارية وفتشت منازل، دون الإبلاغ عن وقوع ضحايا. وفي اليوم السابق، أقامت القوات حاجزًا مؤقتًا في الصمدانية الشرقية قبل أن تستجوب السكان.
كما أفادت وسائل إعلام محلية أن جنودًا إسرائيليين داهموا قرية طرنجة في شمال القنيطرة، واعتقلوا مدنيًا واحدًا واعتدوا على آخرين خلال عمليات تفتيش للمنازل. وقبل أيام، تم اعتقال ثلاثة رجال كانوا ينقلون الحطب في منطقة القنيطرة المدمرة، وصودر جرارهم. كما تم توثيق حوادث مشابهة في محافظة درعا المجاورة، حيث أطلق جنود إسرائيليون النار على شابين من بلدة صيصون قبل أن يتم نقلهم لاحقًا إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل.
عمليات عسكرية تتجاوز الحدود
تتزامن هذه التوغلات مع تصعيد أوسع للأنشطة العسكرية الإسرائيلية في سوريا. فبعد انهيار حكومة الأسد في ديسمبر الماضي، شنّت إسرائيل مئات الغارات الجوية استهدفت مواقع عسكرية سورية، بحسب الإعلام الرسمي والإقليمي. ففي 16 يوليو وحده، نفذت إسرائيل أكثر من 160 غارة خلال 24 ساعة، شملت منشآت حكومية في دمشق. ونشر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على منصة “إكس” قائلاً: “بدأت الضربات الثقيلة”، في إشارة إلى استمرار العمليات.
ويشير محللون إلى أن إسرائيل انتقلت من عمليات “استباقية” محدودة إلى استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة عبر صراع طويل الأمد. وقد برر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التدخل بزعم “حماية الطائفة الدرزية في السويداء”، إلا أن منتقدين يؤكدون أن هذه الضربات تزيد من زعزعة الاستقرار وتعيق جهود إعادة الإعمار.
ردود فعل إقليمية على السياسات التوسعية
أعربت دول مجاورة ومنظمات دولية عن قلقها من اتساع نطاق تحركات إسرائيل. فقد قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لوفد من الكونغرس الأمريكي الاثنين إن بلاده ترفض ما يسمى بـ “رؤية إسرائيل الكبرى”، مشيرًا إلى التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والسيطرة العسكرية على الأراضي الفلسطينية والسورية، وفقًا لوكالة الأنباء الأردنية “بترا”. كما جدد دعمه لوحدة سوريا واستقرارها.
وفي بيان مشترك صدر الجمعة، أدان وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية، إلى جانب جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، خطاب نتنياهو التوسعي باعتباره “انتهاكًا صارخًا وخطيرًا للقانون الدولي”. وحذر البيان من أن خطط الاستيطان وجهود الضم تهدد أمن المنطقة والسلام الدولي.
دعوات للمحاسبة
كما أدلى مسؤولون أوروبيون بمواقفهم. فقد وجّه عشرة أعضاء في البرلمان الأوروبي رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، طالبوا فيها بفتح تحقيق دولي في العمليات الإسرائيلية بسوريا، والدعوة إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي. وكتب النواب أن “تجاهل الأزمة الراهنة في سوريا يشكل تهديدًا مباشرًا للسلام والأمن الإقليمي والدولي”، مطالبين الاتحاد الأوروبي بالتحرك السريع.
ومع استمرار القوات الإسرائيلية في تنفيذ مداهمات عبر جنوب سوريا، تحذر الوكالات الإنسانية من أن تصاعد النزاع يعقّد أعمال الإغاثة ويقوض فرص الاستقرار. ومع إدانات القادة العرب والأوروبيين للتوغلات والسياسات التوسعية، توسّع الخلاف ليتجاوز التوترات الثنائية، ليصبح قضية مطروحة بقوة على الأجندة الإقليمية والدولية.