
يتواصل تدهور الوضع الإنساني في جنوب سوريا، حيث يواجه سكان درعا والسويداء أزمات نقص الغذاء والدواء وتدهور البنية التحتية. ووفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، فقد توفي أكثر من 1500 شخص نتيجة الاضطرابات الأخيرة، فيما يحتاج نحو 800 ألف من السكان إلى مساعدات عاجلة. وتبلغ المستشفيات عن نقص حاد في الأدوية والوقود، بينما أدت انقطاعات الكهرباء إلى امتلاء المشارح بالجثث، وباتت العائلات النازحة تعتمد على كرم المجتمعات المستضيفة.
أدى شح الطحين والوقود والإمدادات الطبية إلى تفاقم الأزمة، وذلك عقب أسابيع من العنف بين المجموعات العشائرية والميليشيات الدرزية المحلية في السويداء، زادتها سوءًا تدخلات حكومية وغارات جوية إسرائيلية. وما تزال الخدمات الأساسية هشة، حيث أُصيبت البنوك والأسواق بالشلل وتراجع توفر المياه والكهرباء بشكل كبير.
التنسيق بين الحكومة والأمم المتحدة
في مسعى لتوسيع عمليات الإغاثة، عقدت وزارة الخارجية السورية اجتماعًا مع مسؤولين أمميين في دمشق بتاريخ 18 آب. وتركزت المناقشات على زيادة التمويل من المانحين، وتسريع تقييم الاحتياجات الميدانية، وتحسين التنسيق لضمان إيصال المساعدات في الوقت المناسب. وأشادت الوزارة بخطة برنامج الغذاء العالمي (WFP) لإطلاق نظام توزيع للغذاء في الجنوب بعد حصوله على الموافقة الحكومية.
وأكد المسؤولون أن غياب تقارير ميدانية شاملة لا ينبغي أن يعرقل جهود الإغاثة العاجلة. وقالت الوزارة في بيان صحفي: “الحكومة لم تفرض قيودًا على دخول المساعدات الإنسانية”، مشيرة إلى أن أكثر من 12 قافلة إغاثية وصلت السويداء في أقل من شهر عبر الهلال الأحمر العربي السوري ووكالات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي. كما منحت تصاريح لأكثر من 140 موظفًا أمميًا للعمل في السويداء ودرعا، مع التحضير لانطلاق قوافل إضافية في الأيام المقبلة محمّلة بالغذاء والوقود والمساعدات الطبية.
عقبات على الأرض
ورغم هذه المبادرات، تحذر الوكالات الإنسانية من أن انعدام الأمن ما يزال يعرقل الوصول الآمن إلى جنوب سوريا. وأفاد الصليب الأحمر عن تعرض مركبات مدنية قادمة من دمشق نحو السويداء لهجمات، بما في ذلك حادثة خطف حافلة قرب بلدة كحيل أسفرت عن اختطاف ثمانية ركاب. وشملت حوادث أخرى إطلاق نار على سيارات خاصة وشاحنات تجارية على الطرق ذاتها.
وقد أدت هذه المخاطر، إضافة إلى نشاط الجماعات المسلحة في المناطق المتنازع عليها، إلى إبطاء وتيرة إيصال المساعدات. ويؤكد العاملون الإنسانيون أن الوصول الآمن والحيادي أمر أساسي لمنع تدهور الأوضاع أكثر.
استمرار جهود الإغاثة
تواصل منظمات الإغاثة توزيع المساعدات الطارئة على المستشفيات والمجتمعات في السويداء ودرعا. وأكد الصليب الأحمر تسليم أدوية وحصص غذائية وخزانات مياه، إلى جانب 8700 عبوة من الإنسولين للمرضى المحتاجين. فيما يواصل الهلال الأحمر العربي السوري تشغيل برامج الإسعاف والطوارئ بدعم دولي.
من جهته، جدد وزير الخارجية أسعد الشيباني في وقت سابق من هذا الشهر تأكيده أن المسؤولين عن الانتهاكات في السويداء “سيحاسبون”، مشددًا على أن المحافظة تعد “جزءًا لا يتجزأ من سوريا ونسيجها الاجتماعي”. ويؤكد الشركاء الإنسانيون أن الدعم الدولي المستمر وتأمين ممرات وصول آمنة سيكونان مفتاحًا لمعالجة الأزمة في الجنوب، حيث تتجاوز الاحتياجات العاجلة بكثير حجم الموارد المتوفرة.