
في خطوة تمثل تحولًا نوعيًا في مسار الإعلام السوري، شهدت العاصمة دمشق إعادة إطلاق وكالة الأنباء السورية (سانا) بصيغة جديدة ومتطورة، تحت شعار: “سانا… نقطة تحول”. وأقيم احتفال كبير في المركز الوطني للفنون البصرية، حضره مسؤولون حكوميون وإعلاميون.
من الأيديولوجيا إلى الاحتراف
أكد وزير الإعلام حمزة المصطفى في كلمته أن هذه اللحظة تمثل بداية صفحة جديدة في مسيرة الإعلام الرسمي السوري. وقارن بشكل صريح بين دور سانا السابق باعتبارها مجرد “ناقل للنص الذي تكتبه السلطات” وهويتها الجديدة كـ “وكالة أنباء شاملة” تمتلك شبكة من المراسلين المحليين والدوليين. وتعهد بأن ينعكس هذا التحول على الأسلوب والتحليل واتساع المحتوى، مشددًا على أن حرية الإعلام ستكون مصونة ضمن إطار النموذج الحكومي الرسمي.
تحول تقني ومهني
أعلن المدير العام لـ سانا، زياد المحاميد، عن تبني فلسفة جديدة لعمل الوكالة، تهدف إلى تحويل دور موظفيها من مجرد متلقين للتعليمات إلى صحفيين ميدانيين يحرصون على دقة المعلومة ونقلها بمهنية.
ويشمل التحول إعادة صياغة السياسة التحريرية، وتدريب جيل جديد من الصحفيين بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية، وغرس قيم المصداقية والاحتراف. كما جرى تطوير أدوات جديدة ودمج معدات تصوير حديثة، وإضافة خمس لغات إلى جانب العربية (الإنجليزية، الفرنسية، التركية، الإسبانية، والكردية). كما أضافت الوكالة محتوى بصريًا جديدًا وصورًا احترافية ومقاطع فيديو عالية الجودة.
وفي تصريح لـ “ليفانت 24″، شدّد المحاميد على أهمية إضافة اللغة الكردية إلى موقع سانا ومنصاتها، نظرًا لتنوع الشعب السوري الغني بالثقافات والأعراق. وبيّن أن هذه الخطوة ستُمكّن من تغطية أخبار هذا المكون الأساسي من المجتمع السوري، خاصة في المنطقة الشرقية.
دعم مؤسسي ورؤية مستقبلية
كشف خالد الخلف، مدير مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر، لـ “ليفانت 24” أن إعادة الإطلاق تأتي ضمن خطة أشمل أقرها الرئيس لإصلاح الإعلام الوطني، وتشمل إنشاء قناة تلفزيونية رسمية جديدة وصحيفة وإذاعة. وأكد أن جريدة الثورة الرسمية يجري تطويرها لتتلاءم مع هذه المعايير الجديدة.
وشدّد على الأهمية القصوى لضمان أن يعكس الإعلام السوري تنوع البلاد الديني والعرقي ويلبّي احتياجات جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك الأكراد، منعًا لأي ثغرات يمكن أن تستغلها أطراف تسعى لتشويه صورة سوريا أو إثارة الفتن. وتُطرح سانا الجديدة باعتبارها حجر الأساس لهذه الاستراتيجية الوطنية الإعلامية الموحدة والمستقبلية.
إرث بصري يروي تاريخ سوريا
ضمن فعاليات حفل الإطلاق، قدّمت سانا معرضًا للكاميرات والصور التاريخية، يرمز إلى تطور فن التصوير الصحفي السوري. وشرح المصور البارز محمد سليمان كيف تطورت الأدوات البسيطة والقديمة تدريجيًا إلى معدات أكثر تطورًا، مما أتاح للصحفيين توثيق قصة سوريا بقدر أكبر من الإبداع والاحترافية. وانقسم المعرض إلى قسم تقني عرض الكاميرات القديمة، وقسم آخر للصور التي أبرزت أعمالًا بارزة عكست عقودًا من التاريخ البصري السوري.
دعم ثقافي وفكري
عبّر مثقفون وفنانون بارزون عن دعمهم لهذه المبادرة الجديدة. وأعرب الشاعر أنس الدغيم عن أمله في أن تنقل سانا الجديدة الحقيقة بأمانة وتُكرّم تضحيات جميع السوريين. فيما قدّمت الفنانة الدكتورة سارة روز عملًا فنيًا يجسد الدور التاريخي لسانا وأهمية الحفاظ على التراث الثقافي السوري في عصر الإعلام الجديد.