
أثار صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن أحداث العنف في الساحل السوري مطلع الشهر الحالي ردود فعل قوية من الاتحاد الأوروبي وفرنسا، في وقت حذّر فيه خبراء أمميون من تصاعد الاضطرابات في محافظة السويداء.
في 14 آب، نشرت اللجنة نتائج تحقيقاتها حول أحداث الساحل بين كانون الثاني وآذار، مؤكدة وقوع عنف طائفي واسع النطاق “يرقى على الأرجح إلى جرائم حرب”، لكنها أوضحت أنها لم تجد أدلة على خطة حكومية ممنهجة لارتكاب الجرائم. وأشارت اللجنة إلى أن السلطات السورية منحتها وصولاً غير مقيّد إلى المناطق المتضررة.
الاتحاد الأوروبي يطالب بالمحاسبة
المتحدثة باسم الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنيتا هيبر أشادت بـ “العمل الدؤوب” للجنة في توثيق “الانتهاكات الجسيمة” للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. ورحبت بتعاون دمشق مع المحققين، لكنها شددت على ضرورة اتخاذ خطوات إضافية.
وقالت في بيان: “في ضوء ما كشفه التقرير، يحث الاتحاد الأوروبي الحكومة السورية على تنفيذ التوصيات فورًا ومحاسبة جميع المسؤولين”. كما دعت إلى إصلاحات في الأجهزة الأمنية تشمل نزع سلاح المجموعات المتورطة في الانتهاكات وإعادة هيكلة جهاز الأمن الوطني، إلى جانب إصلاحات قضائية تضمن سيادة القانون بحياد. وأكدت أن المصالحة في سوريا “لن تتحقق إلا من خلال مواجهة الانتهاكات علنًا”.
فرنسا تعتبر التقرير “خطوة مهمة”
وزارة الخارجية الفرنسية تبنّت الموقف نفسه في 19 آب، ووصفت التقرير بأنه “خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة وكشف حقيقة الانتهاكات”. وشجعت سوريا على مواصلة التعاون مع هيئات الأمم المتحدة، خصوصًا ما يتعلق بالتحقيقات الجارية حول الانتهاكات في السويداء.
وشددت باريس على أن أي انتقال سياسي “لن يكتب له النجاح ما لم يستند إلى الشمولية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون”. كما تعهّدت بدعم الجهود الأممية وأبدت استعدادها للمساعدة في تعزيز النظام القضائي السوري.
تحذيرات من تصاعد العنف في السويداء
وبينما تركز الاهتمام الدولي على تقرير الساحل، حذّر خبراء أمميون في 21 آب من هجمات في محافظة السويداء، مشيرين إلى مقتل نحو ألف شخص منذ منتصف تموز، بينهم ما لا يقل عن 539 مدنيًا درزيًا، فيما تضررت أكثر من 33 قرية. كما وثقوا عمليات نزوح واسعة طالت نحو 192 ألف شخص في السويداء ودرعا وحمص.
وقال الخبراء: “هذه الانتهاكات تكشف عن فشل ممنهج في حماية الأقليات والتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي”، داعين إلى تحقيقات مستقلة، ومحاكمة الجناة، والكشف عن مصير المفقودين.
دعوات أوسع للمحاسبة
فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وصف بيان الخبراء الأمميين بأنه “متوازن وموضوعي”، لافتًا إلى أنه يعكس ما وثّقته الشبكة. وأكد أن الانتهاكات ارتكبتها فصائل درزية وبدوية إلى جانب قوات الأمن السورية، مطالبًا بتحقيقات شفافة.
ومع تعهّد دمشق بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة واستعداد اللجنة لإصدار تقارير إضافية، يواصل المجتمع الدولي التأكيد على أن محاسبة مرتكبي الجرائم تبقى أساس أي استقرار مستقبلي في سوريا.