
أعلنت وزارة الداخلية السورية يوم السبت اعتقال عدد من الحراس السابقين في سجن صيدنايا، الذي اشتهر طويلًا بممارسات التعذيب والإعدامات. وقالت إن الاعتقالات جاءت بعد عملية أمنية شملت جمع معلومات استخباراتية ومراقبة في منطقتي الحولة وتلكلخ بريف حمص.
وأوضح مسؤول الأمن الداخلي محمد عبد القادر أن العملية استهدفت حراسًا حاولوا الفرار من البلاد، مشيرًا إلى أن الاعترافات التي انتُزعت منهم كشفت عن تعذيب ممنهج وإعدامات جماعية خلال فترة عملهم في السجن. وأضافت الوزارة أن الموقوفين أُحيلوا إلى القضاء، مؤكدة في بيانها أنه “لن يكون هناك تسامح مع من يعبث بأمن الوطن والمواطنين”.
اعترافات ومواجهات علنية
في 23 آب، بثّت وزارة الداخلية مقاطع مصوّرة لاعترافات حراس سابقين بارتكاب انتهاكات. بعضهم أقرّ بالإشراف على إعدامات جماعية، فيما روى أحدهم أنه طلب من مسؤولي السجن تسليمه نساء لارتكاب اعتداءات جنسية بحقهن. كما أظهرت اللقطات مواجهات مباشرة بين سجناء سابقين وسجانيهم. الناجون وصفوا أساليب التعذيب والانتهاكات المتكررة التي مورست بحق المعتقلين قبل إعدامهم.
وفي رسالة على منصة “X”، أشار الوزير أنس خطاب إلى إحدى هذه اللحظات وهو يشارك صورة لسجين حرّ أمام سجّانه السابق، الذي بات الآن خلف القضبان، وكتب: “تكفي هذه الصورة لإيصال رسالة لكل حرٍّ مظلوم مفادها أنه مهما طال ليل الظلم والإجرام فلا بد لشمس الحرية والكرامة أن تشرق من جديد مهما طال انتظارها ورسالة إلى كل ظالم قاتل أن يد العدالة ستطاله مهما حاول الهروب وأن الحق لا يموت بالتقادم. تلخص هذه الصورة حكاية الألم والأمل بين الماضي والمستقبل وأن لكل ظالم نهاية طال الزمان أم قصر”.
العدالة بعد سنوات من الانتهاكات
وأضاف خطاب أن العدالة ستطال كلّ ظالم مهما حاول الإفلات من المساءلة، مؤكّدًا أن الحق لا يسقط بالتقادم، واصفًا تلك المواجهات بأنها حكاية “ألم وأمل بين الماضي والمستقبل”.
وشدّدت وزارة الداخلية على أن قوات الأمن ماضية في ملاحقة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة خلال حكم الأسد. وكانت الوزارة قد أعلنت في تموز الماضي اعتقال العقيد ثائر حسين، المساعد السابق لمدير سجن صيدنايا، بعد العثور عليه متخفيًا في محافظة طرطوس، حيث وُجهت له تهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات ضد المعتقلين وأُحيل إلى القضاء.
استمرار السعي نحو المحاسبة
وجددت الوزارة تعهّدها بمواصلة ملاحقة مرتكبي الانتهاكات، داعية المواطنين إلى عدم إيواء المتورطين. وقالت في بيانها: “إن قوى الأمن الداخلي لن تدّخر جهدًا في حماية كل فرد على هذه الأرض”.
ويُعد نشر هذه المقاطع خطوة مهمة في مواجهة إرث التعذيب والإعدامات والقمع داخل سجن صيدنايا. وبالنسبة لكثير من المعتقلين السابقين، فإن المواجهة العلنية بين السجناء وسجّانيهم تجسّد في آن واحد المحاسبة وإمكانية تحقيق العدالة التي طال انتظارها.