
لا يزال الوضع الإنساني في سوريا هشًا بعد ما يقارب 14 عامًا من الصراع، فيما تدعو وكالات الإغاثة إلى دعم دولي أكبر للتعافي وإعادة الإعمار. وأكد يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي لشؤون الاجئين، خلال زيارة إلى سوريا، أنه رغم عودة الكثير من النازحين إلى منازلهم، إلا أن الظروف لا تزال صعبة للغاية.
وقال إيغلاند لتلفزيون سوريا: “نحن بحاجة إلى إعادة الإعمار لتمكين عودة النازحين واللاجئين إلى منازلهم”، مشددًا على أن العائلات لا يمكنها الاستمرار في العيش في الخيام خلال الشتاء القاسي. وأشار إلى أن الغوطة الشرقية، التي تعرضت لقصف عنيف خلال الحرب، مدمرة لدرجة أن إعادة بنائها تكاد تكون مستحيلة من دون دعم مستدام من المانحين.
العائدون يواجهون الخراب ونقص الخدمات
بحسب المجلس النرويجي للاجئين، فإن أكثر من 800 ألف شخص غادروا مخيمات النزوح وعادوا إلى منازلهم. لكن كثيرًا من هذه العائلات وجدت نفسها أمام مبانٍ مدمرة، وانعدام الكهرباء والمياه النظيفة وفرص العمل. كما أشار المجلس إلى أن النزاعات حول السكن وضغط الموارد المحلية تزيد من حدة التوترات.
وحذر إيغلاند من أنه من دون استثمارات جدية في التعافي، سيبقى ملايين اللاجئين والنازحين عاجزين عن إعادة بناء حياتهم. وقال في بيان على موقع المجلس: “لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتخلى عن السوريين الآن، بعد عقد من البؤس والاستثمار في الإغاثة الطارئة عندما كان مجرد التفكير بالعودة حلمًا بعيد المنال”.
مسؤولو الأمم المتحدة يحذرون من فجوة تمويل خطيرة
ردد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، آدم عبد المولى، المخاوف ذاتها بشأن حجم الاحتياجات. وفي مؤتمر صحفي في جنيف، قال إن 13% فقط من أصل 3 مليارات دولار مطلوبة قد تم تأمينها.
وأضاف: “هذا النقص يؤثر بشكل مباشر على قدرة فرق الإغاثة على تلبية الاحتياجات المتزايدة للمدنيين”، مشيرًا إلى أن نحو 18 ألف شخص نزحوا خلال الأشهر الأخيرة في السويداء ودرعا ودمشق. ووصف نقص الأدوية والوقود بأنه “مقلق”.
وأوضح أن الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري، بالتعاون مع الحكومة السورية، أوصلوا 17 قافلة مساعدات إلى المناطق المتضررة خلال الشهرين الماضيين، لكنه شدد على أن الطرق التجارية، التي تعيقها الجماعات المسلحة والميليشيات، يجب أن يُعاد فتحها أيضًا لاستقرار سلاسل الإمداد.
شراكات لتعزيز الأمن الغذائي
بالتوازي، يعمل برنامج الأغذية العالمي مع المؤسسات السورية لمعالجة انعدام الأمن الغذائي. ففي 17 تموز/يوليو، وقّعت وزارة الاقتصاد والصناعة اتفاقًا استراتيجيًا مع البرنامج لتعزيز إنتاج وتوزيع الغذاء. كما انخرط البرنامج مع اتحاد غرف التجارة السورية لتوسيع التعاون مع التجار والمقاولين.
ورغم هذه الجهود، يرى قادة العمل الإنساني أن المساعدات لا تزال أقل بكثير من حجم الاحتياجات. وحذّر مسؤولو الإغاثة من أنه من دون التزامات طويلة الأمد من المانحين، قد يتعثر تعافي سوريا، مما يترك ملايين الأشخاص بلا أساسيات البقاء على قيد الحياة.