أعلنت شركة نقل النفط السورية عن تصدير أول شحنة نفط خام لها منذ 14 عاماً، بكمية بلغت 600,000 برميل من النفط الثقيل من ميناء طرطوس إلى الأسواق العالمية. وتُعد هذه الخطوة إنجازاً مهماً في إعادة بناء الاقتصاد السوري بعد سنوات من الحرب والعقوبات الدولية.
اللوجستيات التشغيلية والجهود المحلية
تم تنفيذ عملية التصدير وفق اتفاقية مع شركة “Bserf Energy”، وهي شركة عالمية متخصصة في تجارة النفط الخام. وأكد رياض جوباسي، معاون مدير الإدارة العامة للنفط والغاز في وزارة الطاقة، أن هذه الشحنة تمثل اختباراً عملياً للتحقق من جاهزية خطوط النقل والخزانات والمحطة البحرية، مشيراً إلى أن الجاهزية كانت جيدة دون أي مشاكل فنية.
من جانبه، قال معن باشا، المدير العام لشركة نقل النفط السورية، إن النفط المصدر مستمد من الحقول السورية التي تمثل فائضاً عن احتياجات مصفاتي بانياس وحمص، واللتين تعملان حالياً بأقصى طاقتهما. وأوضح أن المشتقات النفطية متوفرة بكميات كافية في الأسواق المحلية، وأن تصدير الفائض يساهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير العملة الصعبة.
الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية
تمثل هذه الخطوة إنجازاً كبيراً ضمن خطط وزارة الطاقة لتعزيز حضور سوريا في الأسواق النفطية الخارجية، وإعادة تنشيط قطاع النفط، وتوسيع التعاون مع الشركات الدولية، وتأمين رؤوس الأموال.
شهدت صادرات النفط السورية تطورات ملحوظة: ففي عام 2010، بلغ حجم التصدير 380,000 برميل يومياً قبل الحرب. وبين 2011 و2024، كادت الصادرات أن تتوقف بسبب الحرب والعقوبات المفروضة على البلاد. وفي أيلول/سبتمبر 2025، تم تصدير 600,000 برميل في أول شحنة تصديرية بعد 14 عاماً.
وأشار الباشا إلى أن المشاكل الحالية تكمن في البنية التحتية الموروثة، مبيناً أن هناك مشروعاً جاريًا لتطوير مرافق وزارة النفط، بالاعتماد على الجهود المحلية والكفاءات الوطنية، ما يسلط الضوء على التحديات التقنية واللوجستية التي تواجه قطاع النفط السوري بعد سنوات من الدمار.
الآفاق المستقبلية والتعاون الدولي
من المتوقع أن تتبع هذه الشحنة صادرات لاحقة في الفترة القادمة. وقد وقعت سوريا مؤخراً مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع شركة DP” “World لتطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في طرطوس، لتعزيز قدرات اللوجستيات التصديرية.
كما أُجريت مناقشات مع الشركة البريطانية Gulf Sand John Bell حول التعاون في قطاع النفط وإمكانية استئناف الشركة العمل لإعادة تأهيل الحقول النفطية في سوريا، ما يؤكد التزام الحكومة بإقامة شراكات دولية.
مستقبل واعد لقطاع النفط السوري
تمثل عودة سوريا إلى تصدير النفط بعد توقف دام 14 عاماً مؤشراً إيجابياً على بدء التعافي الاقتصادي، رغم التحديات الكبيرة المتبقية. ويعتمد نجاح هذه الخطوة على عدة عوامل، منها الاستقرار السياسي والأمني للحقول النفطية، وتطوير وتحديث البنية التحتية للقطاع، وتعزيز التعاون الدولي مع الشركات العالمية المتخصصة، وأخيراً رفع العقوبات الدولية بالكامل عن قطاع الطاقة السوري.