
وسّعت اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث السويداء نطاق عملها الميداني في عموم المحافظة والمناطق المحيطة، بينما تعمل على توثيق الانتهاكات المزعومة الناجمة عن اضطرابات تموز/يوليو. وشُكّلت اللجنة بقرار من وزارة العدل في 31 تموز/يوليو بموجب المرسوم الرئاسي رقم 9 لعام 2025، وكُلفت بكشف ملابسات العنف، وجمع الشهادات، وإحالة مَن ثبت تورطهم إلى القضاء.
وزار أعضاء اللجنة قرًى في السويداء ومنطقة السيدة زينب قرب دمشق، والتقوا مباشرةً بضحايا وعائلات نازحة وشهود عيان. كما زاروا سجن دمشق المركزي حيث قابلوا موقوفين على صلة بالأحداث وقيّموا أوضاعهم الإنسانية. وبحسب “سانا”، تعمل اللجنة مع الجهات المعنية لمعالجة الوضع القانوني للموقوفين.
مبادئ الاستقلالية والشفافية
قال المتحدث باسم اللجنة، عمار عز الدين، إن الهيئة باشرت عملها “منذ اليوم الأول لتسلّم مهامها” وفق معايير تُبرز الحياد والشفافية والسرية والمصداقية. وأضاف: “عقدت اللجنة اجتماعات مع العديد من الشخصيات الرسمية، والتقت عددًا كبيرًا من الضحايا وذويهم وشهود من جميع الأطراف، وأجرت معاينات وكشفًا وخبرات فنية لمسرح الجرائم”. وأثنى على دور وزير العدل في تسهيل عمل اللجنة، مؤكدًا أن دعم سائر مؤسسات الدولة سيكون حاسمًا. وتضم الهيئة، المؤلفة من سبعة أعضاء، قضاة ومحامين ومسؤولًا أمنيًا رفيعًا، وقد تعهدت بتسليم تقريرها النهائي في 31 تشرين الأول/أكتوبر، أي خلال ثلاثة أشهر من تشكيلها.
إشادة بتحقيقات سابقة
أشاد مسؤولون سوريون بالعمل السابق للجنة مماثلة حققت في أحداث العنف في الساحل السوري، إذ نالت تقدير الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية لما وُصف بأنه تقارير شفافة ودقيقة والتزام بالمساءلة. ويأمل المسؤولون أن يحقق تحقيق السويداء نتائج مماثلة ويعزز الثقة بالآليات الوطنية.
رد على تقرير العفو الدولية
يتواصل عمل اللجنة بالتزامن مع إصدار منظمة العفو الدولية تقريرًا اتهمت فيه الحكومة السورية وقوات مرتبطة بها بتنفيذ إعدامات بحق 46 مدنيًا درزيًا في السويداء، مستندةً إلى أدلة فيديو مُتحقَّق منها، وداعيةً إلى محاسبة الجناة أمام إجراءات قضائية محايدة. وانتقد عز الدين التقرير واصفًا إياه بأنه “مجتزأ” ويُظهر طرفًا واحدًا من العنف فقط، “وهو ما يخالف المسؤولية القانونية والأخلاقية”، على حد تعبيره كما نقلت “سانا”. وأضاف أن اللجنة جمعت بالفعل مقاطع وشهادات تُشير إلى انتهاكات ارتكبتها أطراف متعددة.
موازنة الضغط الخارجي والتحقيق الوطني
ومع تقدّم التحقيق في أحداث السويداء، تؤكد اللجنة أن ولايتها مستقلة ومنبثقة من القانون السوري. ويرى المسؤولون أن تحقيق المساءلة لا يتحقق إلا عبر مسار داخلي شامل، حتى مع تصاعد دعوات المنظمات الدولية لمزيد من التدقيق. وما إذا كان تقريرها النهائي سيعالج كامل المخاوف المطروحة سيؤثّر على ثقة الداخل وردود فعل المجتمع الدولي تجاه كيفية تعاطي سوريا مع أحداث العنف في تموز/يوليو.