
في يوم تاريخي يجسد إرادة ووحدة الشعب السوري، أعلن الرئيس أحمد الشرع إطلاق صندوق التنمية السوري خلال حفل مهيب أقيم في قلعة دمشق، بحضور رسمي وشعبي واسع. ويُعد هذا الصندوق أول مؤسسة وطنية من نوعها تهدف إلى قيادة عملية إعادة الإعمار والتنمية المستدامة بعد سنوات الدمار التي خلّفها نظام الأسد. وقد وصلت التبرعات إلى نحو 60 مليون دولار خلال الساعة الأولى، ما يعكس ثقة السوريين بهذه المبادرة ورغبتهم بالمشاركة في بناء وطنهم.
رؤية الصندوق والأهداف الاستراتيجية
يهدف الصندوق إلى المساهمة في إعادة إعمار وتأهيل البنية التحتية، بما يشمل شبكات الطرق والجسور، المياه والكهرباء، المطارات والموانئ والاتصالات، إضافة إلى تمويل المشاريع التنموية عبر قروض بدون فوائد. ويركّز على خمسة قطاعات حيوية: الصحة، التعليم، المياه، الزراعة، والبنية التحتية، مع إعطاء الأولوية للمشاريع التي تسهم في عودة المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية.
مصادر التمويل والشفافية
يعتمد الصندوق على مصادر تمويل متنوعة، تشمل التبرعات الفردية من داخل سوريا وخارجها، والتبرعات الدورية عبر برنامج “المتبرع الدائم” الذي يتيح اشتراكات شهرية ثابتة، إضافة إلى المنح والهبات التي تُقبل وفق القوانين النافذة.
وفي خطابه، شدّد الرئيس الشرع على أن الصندوق سيتمتع بأعلى مستويات الشفافية، مع الإعلان عن جميع الأموال المصروفة على المشاريع الاستراتيجية. كما دعا السوريين إلى المشاركة في هذه المبادرة الوطنية قائلاً: “نحن من يجب أن ينال شرف العطاء لبلدنا وأمتنا”.
تفاعل المحافظات والمشاركة الشعبية
شهدت محافظات اللاذقية وحمص وحماة ودرعا وحلب والقنيطرة فعاليات إطلاق صندوق التنمية، وسط حضور رسمي وشعبي واسع، بما يعكس التفاعل الوطني مع هذه المبادرة. ففي اللاذقية، شاهد الحضور تفاصيل الصندوق على الشاشة الكبيرة، بينما شدّد المسؤولون في حمص وحماة على دور الصندوق في تمكين المجتمع المحلي وخلق فرص عمل للشباب. وفي درعا، أكد المنظمون أن الصندوق يعتبر المجتمع المحلي شريكاً أساسياً في التخطيط والتنفيذ.
آليات العمل والشراكات
يتمتع الصندوق بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ومقره دمشق، ويرتبط برئاسة الجمهورية. وقد أُنشئ بموجب المرسوم الرئاسي رقم 112 لعام 2025، ما يضمن إطاراً قانونياً واضحاً. كما يسعى الصندوق إلى توحيد جهود الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والسوريين في الداخل والخارج.
دور القطاع الخاص ورؤية المستقبل
يشكل إطلاق الصندوق منصة وطنية لتوسيع الشراكات بين مختلف الأطراف، بما يضمن تنفيذ مشاريع مستدامة ذات أثر ملموس على حياة المواطنين. وهذا ينسجم مع التوجه العالمي الذي يعتمد على قطاع الخدمات لدعم النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. كما يُمثل الصندوق خطوة عملية لدعم المشاريع التنموية والخدمية بمشاركة مجتمعية حقيقية.