
للمرة الأولى منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024، تستعد سوريا لافتتاح المدارس على مستوى وطني. غير أن حجم الدمار الذي خلّفته سنوات الحرب جعل العودة إلى الصفوف الدراسية تحدياً هائلاً.
ووفقاً لليونيسف، فإن “جيلاً كاملاً من الأطفال لم يلتحق بالمدرسة مطلقاً بعد 14 عاماً من الصراع في سوريا.”
أعلنت وزارة التربية أن المدارس ستفتح أبوابها في 21 أيلول بعد أسبوع من التحضير الإداري، مشيرةً إلى إعادة أكثر من 17,000 معلم كانوا قد فُصلوا منذ عام 2011، لمعالجة النقص الحاد في الكوادر التعليمية.
إعادة بناء المدارس في المحافظات
تعهد شركاء دوليون وإقليميون بتوفير الموارد لإصلاح البنية التحتية. ففي 7 أيلول، أعلنت وفود سعودية أن الرياض ستموّل 454 مشروعاً لإعادة الإعمار بقيمة 1.4 مليار دولار، تشمل إعادة بناء 34 مدرسة في حلب وإدلب وحمص. وفي الغوطة الشرقية، أنجزت جمعيات تركية أعمال ترميم في مدرسة دوما للبنين.
أما في إدلب، فأطلقت السلطات المحلية حملات لإعادة تأهيل نحو 115 مدرسة في جبل الزاوية وإحسم وكفرنبل. وقال عدنان معمار، مدير مدرسة في معرة النعمان، لصحيفة DW عربية: “المدارس هي حجر الأساس لأي نهضة وتنمية اجتماعية. الترميم حاجة ملحّة لا يمكن تأجيلها”.
وفي دير الزور، أفادت مديرية التربية أن 50 مدرسة مدمرة و16 أخرى تحتاج للترميم، فيما جرى تأهيل أكثر من 25 مدرسة محلياً، و354 مدرسة تعمل حالياً لنحو 200,000 طالب، بحسب مدير التربية علي الصالح.
النزوح يزيد الضغوط
زاد النزوح المستمر من تعقيد الوضع. وقدرت الأمم المتحدة أن أكثر من 190,000 شخص نزحوا داخل محافظة السويداء في الأشهر الأخيرة، ويقيم كثير منهم في المدارس، ما قد يعرقل بدء الدروس ما لم تُوفَّر لهم مساكن بديلة.
كما تواجه العائلات العائدة من الخارج صعوبات في التكيف. إذ يكافح الطلاب الذين اعتادوا مناهج ولغات مختلفة للانسجام مع الفصول السورية. وقال الطالب وئام بادي من حماة: “ضخامة المنهاج السوري مقارنة بما درسته في تركيا كانت مربكة”.
وأشارت معلمة من حمص، لمياء كاخي، إلى أن المعلمين لم يتلقوا أي خطة لدمج هؤلاء الطلاب: “الأمر متروك لاجتهاد المعلم وحده”.
مبادرات محلية لسد الفجوة
في أنحاء البلاد، أطلق أولياء أمور ومعلمون ومجتمعات محلية مبادرات تطوعية لتنظيف وإصلاح المباني المتضررة. وقالت المعلمة عائشة الضاهر من كفرنبل: “لم ننتظر المساعدات الخارجية. تبرع الأهالي بالمال والجهد لإعادة المدرسة كي يعود أولادنا إليها”.
ورغم هذه الجهود، تقول وزارة التربية إن نحو 27,000 منشأة تعليمية ما تزال مدمرة أو بحاجة إلى صيانة. ومع اقتراب 21 أيلول، تواجه سوريا مهمة إعادة بناء نظامها التعليمي، في محاولة لمنع جيل كامل من التخلف أكثر عن ركب التعليم.