
دعا المجلس الوطني الكردي يوم السبت إلى “حوار جدي” مع الحكومة السورية بهدف التوصل إلى تسوية عادلة للقضية الكردية والمساهمة في صياغة مستقبل الدولة السورية. وأكد المجلس، في بيان صحفي، على أهمية بناء “نظام تعددي” يعكس “جميع مكونات المجتمع السوري”، مشددًا على أن الشعب الكردي كان له دور طويل في الحياة السياسية رغم عقود من التهميش.
وأكد المجلس أنه تلقى دعوة أوائل هذا الشهر للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق. وقال مصدر من المجلس إن جدول الأعمال سيركز على حقوق الأكراد والمطالب الوطنية، ومن المتوقع أن يشارك في الاجتماع 15 من قيادات المجلس، إلا أن التاريخ لم يُحدد بعد.
اتفاق مارس مع قوات سوريا الديمقراطية يواجه عقبات
تأتي هذه الدعوة في ظل استمرار تداعيات الاتفاق الموقع في 10 مارس بين الرئيس الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي. حيث نصّ الاتفاق على الاعتراف بالمجتمع الكردي كـ”مكوّن أصيل” في سوريا، وضمان الحقوق الدستورية، إضافة إلى بنود تتعلق بدمج الهياكل المدنية والعسكرية لقسد ضمن مؤسسات الدولة، بما في ذلك السيطرة على المعابر الحدودية وحقول الطاقة.
وفي مقابلة بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر مع قناة الإخبارية السورية، أقرّ الشرع بأن تقدم تنفيذ الاتفاق تباطأ، وأشار إلى وجود “نوع من التعطيل”، لكنه أكد أن دمشق لا تزال تهدف لتطبيق الاتفاق قبل نهاية العام.
وقد ساهمت تطورات دولية في تعقيد التنفيذ؛ حيث أفادت صحيفة “The National” أن نشر قوات أمنية من قبل دمشق خلال الاشتباكات الأخيرة في السويداء أعاد الزخم لصالح قسد، في حين أن لقاءات بين قائد القيادة المركزية الأمريكية الأدميرال براد كوبر ومظلوم عبدي الأسبوع الماضي، سلطت الضوء على استمرار الدور الأمريكي في شمال شرق سوريا. وتحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 2000 جندي في مناطق قسد، وهو وجود تقول دبلوماسيات غربية إنه يأتي في سياق مكافحة فلول داعش.
دمشق تتشدد ضد اللامركزية
في المقابل، بدأت السلطات السورية باتخاذ مواقف أكثر تشددًا تجاه مسألة اللامركزية. حيث رفض وزير الخارجية أسعد الشيباني مؤخرًا مناقشة أي صيغة تتجاوز حل قسد، رغم أن اتفاق مارس كان يتضمن ضمانات للحقوق المحلية، وفقًا لمصدر كردي نقلت عنه صحيفة “The National”.
أما الرئيس الشرع، فقد رفض في حديثه المقارنة بين شمال شرق سوريا وإقليم كردستان العراق، مشيرًا إلى أن “العنصر العربي يشكل أكثر من 70% من سكان المناطق التي تسيطر عليها قسد”، مضيفًا أن “التفكير بأي اتجاه آخر لا يخدم إلا من يروج له”.
ضغوط داخلية وخارجية
تُعقّد الانقسامات الكردية الداخلية بدورها سير المفاوضات؛ فبينما يقدّم المجلس الوطني الكردي نفسه كشريك في التفاوض، حذّر حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) من العودة إلى الحكم المركزي. وقال القيادي البارز في الحزب صالح مسلم هذا الشهر إن حركته لن تقبل بأي صيغة “تلغي اللامركزية”، مُحذرًا من أن رفض المطالب قد يفتح باب التوجه نحو الاستقلال.
وفي ظل تغيّر السياسة الأمريكية، والمراقبة الدقيقة من جانب تركيا، وسعي دمشق للحصول على دعم أوسع من روسيا والصين، يبقى المستقبل غير واضح المعالم. وقد يكون لمخرجات الاجتماع المزمع عقده بين المجلس الوطني الكردي ودمشق دورٌ حاسمٌ في تحديد ما إذا كان اتفاق آذار/مارس سيمضي نحو الاندماج السياسي، أم سيتحول إلى مواجهة جديدة على الساحة السورية.