
قامت وزارة الداخلية السورية بتعيين الشيخ سليمان عبد الباقي، زعيم “تجمع أحرار جبل العرب”، للإشراف على الملف الأمني في مدينة السويداء، وسط تصاعد التوترات في المحافظة الجنوبية. وكان الوزير خطاب قد التقى عبد الباقي في 14 سبتمبر، قبل أن يعلن عن هيكل القيادة الأمنية الجديد، إلا أن الوزارة لم تؤكد تفاصيل الاجتماع عبر القنوات الرسمية بشكل فوري.
وصرّح مصدر في الوزارة، رفض الكشف عن هويته، لوسائل إعلام محلية أن العميد حسام الطحان لا يزال قائد قوى الأمن الداخلي في المحافظة، بينما مُنح عبد الباقي صلاحيات على مستوى المدينة. لاحقًا، كتب الوزير خطاب عبر منصة “إكس” أن التعيينات الجديدة تأتي في إطار “خطة شاملة لإعادة هيكلة منظومة الأمن والشرطة، بما يتناسب مع المرحلة، وبداية طريق أكثر استقرارًا في المحافظة”.
رسالة سليمان عبد الباقي إلى الأهالي
أعلن سليمان عبد الباقي عن تعيينه من خلال مقطع فيديو نُشر على صفحته في فيسبوك، يوم الإثنين 15 سبتمبر. وأكد فيه أنه سيركز على معالجة قضية المخطوفين من أبناء السويداء، وذلك بعد تصاعد الأحداث العنيفة منذ منتصف يوليو. ودعا السكان إلى تقديم أسماء المشتبه بهم في عمليات الخطف، للمساعدة في تتبعهم، نافياً في الوقت نفسه وجود معتقلين من أبناء الطائفة الدرزية في السجون الحكومية.
كما وجّه في الفيديو نفسه انتقادات للشيخ حكمت الهجري، المرجع الروحي للطائفة الدرزية، متهمًا إياه بالمساهمة في اضطرابات السويداء وانتهاك الاتفاقات السابقة مع الحكومة. وكان الهجري قد جدد في الآونة الأخيرة دعواته لإقامة كيان درزي مستقل، وهو موقف تعارضه غالبية مشايخ الطائفة، بحسب تقرير لصحيفة الشرق الأوسط.
شخصية مثيرة للجدل في السياسة المحلية
في عمر الـ35، أصبح عبد الباقي أحد أبرز القادة المحليين في المحافظة. أسس “تجمع أحرار جبل العرب” عام 2022 لمواجهة نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران، وشارك في مظاهرات الكرامة عام 2023 التي طالبت بإطلاق سراح المعتقلين. وبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، أعلن عبد الباقي دعمه للحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، ما أثار انقسامًا في الشارع بالسويداء بين مؤيد ومعارض له.
نجا عبد الباقي من عدة محاولات اغتيال؛ إذ تعرض لإطلاق نار قرب المستشفى الوطني في السويداء في نوفمبر 2024، واستُهدف مجددًا في مارس 2025 بقذيفة “آر بي جي” استهدفت منزله. وعلى الرغم من التهديدات، حافظ على حضوره في المشهد الأمني المتغير في المحافظة.
مسار غير واضح المعالم
شهدت السويداء موجات متكررة من العنف في الأشهر الأخيرة. وتفاقمت الاشتباكات بين الفصائل الدرزية الموالية للهجري وبعض عشائر البدو إلى عمليات خطف متبادلة. حاولت القوات الحكومية التدخل في يوليو، لكنها انسحبت بعد اتفاقات تهدئة أعقبت ضربات إسرائيلية، ومن أجل إعادة الهدوء بعد ما وُصف بأنه “انتهاكات”.
تسيطر الحكومة حاليًا على أكثر من 30 قرية في ريف السويداء الشرقي والشمالي، بينما تسيطر الفصائل المحلية على مركز المحافظة.
ومع تعيين عبد الباقي، يبدو أن وزارة الداخلية تعتمد على نهج جديد يتمثل في إشراك القيادات المحلية في إدارة الملف الأمني. لكن ما إذا كان هذا القرار سيؤدي إلى استقرار الأوضاع أم سيزيد الانقسامات بين قادة الطائفة يبقى غير مؤكد.