
قدمت سوريا والأردن والولايات المتحدة خطة لحل الأزمة في السويداء، وطلبت من الأمم المتحدة اعتمادها كوثيقة رسمية. وقد أُعلن عن الخطة في دمشق بعد سلسلة اجتماعات في عمّان، حيث تضمنت خطوات لإعادة الأمن وبناء الثقة عقب الاشتباكات الطائفية الدامية في تموز الماضي التي أسفرت عن مئات القتلى وأكثر من 160 ألف نازح وفق أرقام الأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن الاتفاق يشمل محاكمة المسؤولين عن التحريض على العنف، وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية، وإعادة الخدمات، ونشر القوات النظامية على الطرق الرئيسية. كما نص على إطلاق سراح المعتقلين، وكشف مصير المفقودين، وبدء مسار للمصالحة.
نظر الأمم المتحدة في الخطة
في 18 أيلول، وجّه ممثلو سوريا والأردن والولايات المتحدة رسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس مجلس الأمن لطلب اعتماد خارطة الطريق. وإذا أقرها مجلس الأمن، فقد تُصبح قراراً ملزماً يُلزم الدول الأعضاء بدعم تنفيذها بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
وقال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي أمام المجلس إن المبادرة تمثل “فرصة تاريخية من أجل سوريا جديدة”، مؤكداً التزام الحكومة بالمحاسبة وتقديم المساعدات الإنسانية والمصالحة، وواصفاً العملية بأنها “مسار تدريجي لإعادة بناء الثقة والمجتمعات المتضررة”.
ردود فعل متباينة
لقيت الخطة ترحيباً دولياً واسعاً. فقد وصفتها فرنسا بأنها “خطوة أولى مشجعة”، داعية إلى الإسراع في تنفيذها لتحسين أوضاع المدنيين في السويداء. كما رحبت بها مصر والبحرين وجامعة الدول العربية، مشددين على أهميتها في استقرار جنوب سوريا والحفاظ على وحدة البلاد.
وأشاد المبعوث الأمريكي الخاص توم باراك بالجهود، مؤكداً أن “المصالحة تبدأ بخطوة واحدة”، وشكر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على دوره في دعم قبول المجتمع. فيما أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وهو درزي، أن أمن السويداء يرتبط مباشرة باستقرار الأردن، وأدان في الوقت ذاته الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في سوريا.
لكن لم تؤيد جميع الأطراف الخطة؛ فقد رفضتها اللجنة القانونية العليا في السويداء المرتبطة بالزعيم الدرزي المدعوم من إسرائيل حكمت الهجري، معتبرة أن دمشق لا يمكن أن تكون “الخصم والحكم” في الوقت نفسه، وداعية بدلاً من ذلك إلى تقرير المصير وآليات مساءلة دولية.
تحديات التنفيذ
قال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن إن نجاح الخطة يعتمد على “تحقيق العدالة والمساءلة، وإطلاق سراح المعتقلين، وتقديم المساعدات الإنسانية”، داعياً إلى استمرار الدعم الدولي ووقف التدخلات الخارجية في الشأن السوري.
وعلى الرغم من الشكوك حول قبولها محلياً، فقد وضعت الاتفاقية أزمة السويداء على الساحة الدولية. وسيتوقف الأمر في الأسابيع المقبلة على ما إذا كان مجلس الأمن سيعتمد الخطة كقرار ملزم أو يتركها كتعبير سياسي، لتُختبر بذلك جدية جميع الأطراف في تحويل الالتزامات إلى نتائج.