
اندلعت خلال الأيام الماضية اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والجيش السوري من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة أخرى في مدينة حلب، وتحديداً في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية، في ما يعد أخطر خرق لاتفاق العاشر من آذار حتى الآن.
ووفقًا لوكالة الأنباء العربية السورية (سانا)، قصفت قسد أحياء سكنية حواجز تابعة لقوى الأمن الداخلي، ما أدى إلى ارتقاء عنصر من قوى الأمن وإصابة ثلاثة آخرين. كما أفادت فرق الدفاع المدني أن القصف تسبب بارتقاء مدني واحد وإصابة خمسة آخرين، بينهم امرأتان، في أحياء سيف الدولة والميدان.
وأعلن محافظ حلب عزام الغريب إغلاق المدارس والجامعات والدوائر الحكومية يوم الثلاثاء بسبب أعمال العنف، مؤكدًا أن الحكومة “لا تزال ملتزمة بالاتفاق وتسعى لتجنب إراقة الدماء”. ورغم هذه التأكيدات، أجبر القصف الكثيف ونيران القناصة مئات السكان على البقاء في منازلهم، بينما طوقت تعزيزات حكومية منطقة الاشتباكات.
مسؤولون سوريون يدينون التصعيد
وصفت وزارة الدفاع السورية أفعال قسد بـ”الانتهاكات المتكررة” لاتفاق العاشر من آذار، متهمةً إياها باستهداف المدنيين والعسكريين والمؤسسات العامة. وأوضحت إدارة الإعلام والاتصال في الوزارة لوكالة سانا أن تحركات الجيش في شمال سوريا تأتي في إطار “خطة إعادة انتشار” وليست تصعيدًا عسكريًا، مضيفةً أن “الردود تقتصر على مصادر النيران فقط”.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، إن نحو 25 مدنيًا أُصيبوا في قصف قسد لأحياء حلب، متهمًا إياها بـ”تحريض الأهالي” على قوى الأمن والجيش واستخدام منطقتي الأشرفية والشيخ مقصود لتهريب الأسلحة والممنوعات. وأضاف البابا في تصريح لقناة الإخبارية أن هيمنة التيار الانعزالي داخل قسد حالت دون تنفيذ اتفاق آذار حتى الآن.
مساعٍ لوقف إطلاق النار وتوتر مستمر
عقب الاشتباكات، أكد مصدر رسمي التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في وقت متأخر من ليلة الاثنين 6 تشرين الأول، بعد وساطة من مسؤولين أمنيين. وجاء الاتفاق بعد ساعات من الاشتباكات المتبادلة التي تسببت بـ”ذعر واسع وأضرار مادية كبيرة” في عدة أحياء من حلب، منها بستان الباشا والسريان.
إلا أن الهدوء ظل هشًّا. فقد جددت وزارة الدفاع تأكيدها على “الالتزام الكامل باتفاق العاشر من آذار”، الذي نصّ على دمج تدريجي لقسد ضمن مؤسسات الدولة واستعادة الحكومة السيطرة على المنشآت الاستراتيجية في شمال شرق سوريا. وتتهم دمشق قسد بـ”التراجع عن التزاماتها” وعرقلة سلطة الدولة عبر استفزازات مسلحة.
هجمات متكررة خارج حلب
وجاءت أحداث الأحد في حلب بعد مواجهات مماثلة في منطقة دير حافر شرق المدينة، حيث قصفت قسد قريتي حميْمة والكيطة. ونفت وزارة الدفاع مزاعم قسد بأن القوات الحكومية استهدفت مناطق سكنية، مؤكدةً أن الجيش “رد فقط على مصادر النيران”.
ومع تكرار خروقات وقف إطلاق النار وازدياد الضحايا المدنيين، حذر مسؤولون حكوميون من أن استمرار تصرفات قسد يهدد استقرار حلب، ويقوّض الإطار العام للمصالحة الوطنية الذي حدده اتفاق العاشر من آذار.
