
التقى الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو أمس، 15 أكتوبر، وذلك في أول زيارة رسمية لرئيس سوري إلى روسيا منذ سقوط الديكتاتور السابق بشار الأسد. وقد دلّ الاجتماع الذي عُقد في الكرملين على مسعى من البلدين لإعادة ضبط علاقاتهما التي كانت متجذرة في سياسات عهد الأسد.
إعادة بناء العلاقات بعد تغيير النظام
رحب بوتين بالشرع، مشيراً إلى أن العلاقات بين موسكو ودمشق تمتد لأكثر من ثمانية عقود. وقال بوتين، بحسب ما نقلت “روسيا اليوم”: “روسيا لم ترتبط بعلاقاتها مع سوريا بمواقف سياسية مؤقتة أو بمصالح ضيقة”. وأضاف أن أكثر من 4,000 طالب سوري يدرسون حالياً في روسيا، وبيّن أن هذا الرقم يعكس “الروابط الثقافية والاجتماعية المستمرة” بين البلدين.
من جهته شدد الشرع، الذي قاد القوى الثورية التي أطاحت بالأسد في ديسمبر الماضي خلال عمليات استمرت 11 يوماً، على أن “سوريا الجديدة” تنوي إعادة تعريف سياستها الخارجية على مبادئ الشفافية والاحترام المتبادل والسيادة الوطنية.
قال الشرع خلال المحادثات: “هناك علاقات ثنائية ومصالح مشتركة تربطنا مع روسيا، ونحن نحترم جميع الاتفاقات المبرمة معها”. وأضاف: “تعمل سوريا على إعادة التواصل مع جميع الشركاء الإقليميين والدوليين، والأولوية الآن هي الاستقرار في سوريا والمنطقة”.
موسكو تتطلع إلى دور اقتصادي وإعمار
قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بعد الاجتماع إن موسكو مستعدة للعب دور رئيسي في إعادة إعمار سوريا، لا سيما في قطاعات النفط والنقل والطاقة. وقال نوفاك للصحفيين، بحسب “روسيا اليوم”: “الشركات الروسية تعمل في الحقول النفطية السورية منذ زمن طويل. هناك حقول تتطلب تطويراً وأخرى تحتاج إلى إعادة تأهيل. نحن جاهزون للمشاركة”.
وأضاف نوفاك أن الجانبين اتفقا على استئناف عمل اللجنة الحكومية الروسية-السورية المشتركة قريباً، مشيراً إلى أن النقاشات شملت إمدادات القمح والأدوية من روسيا إلى سوريا، فضلاً عن التعاون في السياحة وإعادة تأهيل البنى التحتية.
شراكة براغماتية في ظل تحولات التوازنات
تأتي الزيارة في وقت تسعى فيه دمشق إلى موازنة علاقاتها بين الشرق والغرب بعد سنوات من العزلة والنزاع الداخلي. وقال مسؤولون سوريون إن الإدارة الجديدة ستراجع الاتفاقات الماضية الموقعة في عهد الأسد، والتي اعتُبرت في كثير من الأحيان غامضة أو غير مواتية للمصالح الوطنية.
وبالرغم من حساسية الوجود العسكري الروسي الطويل في سوريا، بما في ذلك القواعد في طرطوس واللاذقية، لم يتناول الزعيمان مستقبل هذه القواعد علناً. وأكد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، في وقت سابق هذا الأسبوع أن “قضية القواعد الروسية” كانت جزءاً من جدول الأعمال الأوسع.
بالنسبة لبوتين، تمثل الزيارة فرصة للحفاظ على نفوذ موسكو في الشرق الأوسط وإعادة بناء الثقة مع قيادة سورية جديدة كانت معارضة في السابق لقوات مدعومة من روسيا. وبالنسبة لدمشق، تمثل خطوة براغماتية نحو إعادة بناء اقتصادها وتنويع شركائها الخارجيين.
وفي ختام المحادثات وصف الرئيسان اللقاء بأنه كان بنّاءً ومتطلعاً إلى المستقبل. قال بوتين: “نسعى لتطوير علاقاتنا مع دمشق على كل المستويات”. وردّ الشرع بأن “مسار سوريا سيكون مسار سيادة واستقرار وانفتاح متوازن”.
