وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة السعودية الرياض اليوم الثلاثاء، في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز التنسيق السياسي وتوسيع التعاون الاقتصادي بين دمشق والرياض.
ورافق الرئيس وفد وزاري كبير برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني، وذلك للمشاركة في النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII)، وهو منتدى عالمي يجمع قادة دول ورجال أعمال ومستثمرين من أنحاء العالم.
وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، سيلتقي الرئيس الشرع بولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال الزيارة، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتكثيف التنسيق في مجالات الاستقرار الإقليمي والتجارة والاستثمار.
وتعد هذه الزيارة الثالثة للرئيس الشرع إلى المملكة منذ توليه منصبه، ما يعكس الزخم المتصاعد في العلاقات السورية-السعودية منذ عودة سوريا إلى الحضن العربي.
اجتماعات تؤكد التعاون الاستراتيجي
في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، عقد الرئيس الشرع اجتماعات مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود ووزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني.
وتناولت المحادثات نقاش توسيع التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وأكد الجانبان، وفق بيان صادر عن الرئاسة السورية، التزامهما المشترك بدعم الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة.
وقال وائل علوان، الباحث في مركز “جسور” للدراسات، لقناة الإخبارية السورية إن الزيارة تمثل “استمرارًا للتنسيق بين دمشق والرياض لتسريع استقرار سوريا وإعادة دمجها في العالم العربي”، مضيفًا أن سوريا ما بعد الحرب تحولت من ملف أمني إلى حليف استراتيجي محتمل للدول الساعية إلى الاستثمار في ازدهار المنطقة.
أما محمد زكوان كوكه من مركز “عمران” للدراسات الاستراتيجية، فاعتبر أن الزيارة تشكل “ترسيخًا للدور المستعاد لسوريا في محيطها العربي”، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى تحويل التفاهمات السياسية إلى شراكات تنموية ملموسة.
خطوة تاريخية إلى الأمام
تزامنت زيارة الوفد السوري مع انعقاد الملتقى الاستثماري السعودي-السوري يوم الاثنين في الرياض، حيث أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح عن مبادرات جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي.
ووصف الفالح اتفاقية حماية الاستثمار الثنائية بأنها “خطوة تاريخية”، مؤكدًا أنها ستُسهم في تهيئة بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة بين البلدين، بحسب وكالة الأنباء السعودية (واس).
وكشف الفالح عن تقدم مشترك بين البنك المركزي السعودي ومصرف سوريا المركزي نحو تمكين التحويلات المصرفية المباشرة، وهي خطوة من المتوقع أن تسهل التجارة وتعزز ثقة المستثمرين.
كما أعلن عن خطط لإطلاق عدة صناديق استثمارية في سوريا، منها صندوق “إيلاف” السعودي، الذي سيموّل مشاريع كبرى في مجالات البنية التحتية والطاقة والاتصالات.
طريق سوريا نحو إعادة الإعمار
قدّر البنك الدولي تكلفة إعادة إعمار سوريا بـ 216 مليار دولار، ما يجعل التعاون الاقتصادي مع السعودية عاملًا حاسمًا في إعادة بناء البلاد.
وأشار الباحث “كوكة” إلى أن اللقاءات المستمرة بين الجانبين بدأت بالفعل تعزز الثقة في السوق وتقلل من المخاطر الاستثمارية.
ومن المتوقع أن يُلقي الرئيس أحمد الشرع كلمة رئيسية في مؤتمر (FII9) الذي يُعقد تحت شعار “مفتاح الازدهار”، حيث سيعرض رؤية سوريا لـ إعادة الإعمار والاندماج الإقليمي.
ويجمع المؤتمر أكثر من 8000 مشارك و650 متحدثًا من مختلف أنحاء العالم، فيما تسعى سوريا إلى تحويل المصالحة السياسية إلى نهضة اقتصادية شاملة بعد 14 عامًا من الصراع.
