
يتزايد الاستياء في محافظة السويداء مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وسوء الإدارة تحت سيطرة الميليشيات المحلية و”المؤسسات” الموالية للزعيم الدرزي حكمت الهجري. فمن نقص الوقود إلى “التبرعات” القسرية، يتهم السكان ما يُسمى بـ«الحرس الوطني» والمجالس التابعة له باستغلال الأهالي وترسيخ مناخ من الفساد والخوف.
مع اقتراب فصل الشتاء، تعاني السويداء واحدة من أقسى أزمات الوقود منذ سنوات. فقد اختفت مادة المازوت تقريباً من المحطات الرسمية، ما أجبر السكان على شرائه من السوق السوداء بأسعار تزيد عن الضعف. ووفقاً لبيانات ميدانية نقلتها قناة تلفزيون سوريا، فإن ميليشيا “الحرس الوطني” تولت السيطرة على دخول الصهاريج إلى المحافظة وعلى شبكة التوزيع، حيث يتم تحويل كميات كبيرة من الوقود إلى مستودعات خاصة قبل بيعها بأسعار مرتفعة.
وقالت مصادر محلية إن سعر المازوت ارتفع إلى 23 ألف ليرة سورية للتر الواحد مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 11,500 ليرة، مما أصاب قطاعات النقل والتدفئة والزراعة بالشلل. وقال أحد السكان: “السوق السوداء لا تعمل عشوائياً، بل تُدار من شبكة منظمة تابعة للحرس الوطني”. ويعتقد السكان أن عائدات هذه التجارة غير المشروعة تموّل مقاتلي المجموعة وأنشطتها، مما يعزز نفوذها.
“تبرعات” قسرية وتآكل الثقة العامة
إلى جانب أزمة الوقود، يُجبر السكان على دفع “تبرعات” إلزامية لتمويل خدمات أساسية كالنظافة والمياه. ما بدأ كمبادرات تطوعية تحوّل إلى ما يصفه الأهالي بنظام ضرائب غير رسمي. ففي مدينة شهبا، طُلب من العائلات دفع 10 آلاف ليرة سورية لدعم قطاع النظافة، بينما فرض مجلس المدينة رسماً جديداً على كل مركبة تشتري الوقود.
وعلى الرغم من أن المسؤولين يدّعون أن هذه الإجراءات تهدف إلى استمرار الخدمات الحيوية، إلا أن السكان قالوا لوسائل إعلام محلية إن الحملات قسرية وتفتقر إلى الشفافية. وقال أحد سكان شهبا: “لم تعد هذه تبرعات، بل ضرائب مفروضة على كل عائلة بلا أساس قانوني”. وأوضح كثيرون أنهم دفعوا خوفاً من الفضح العلني أو الانتقام من قبل الحرس الوطني.
وفي مدينة القريا، جُمعت أموال بحجة إصلاح مضخات المياه، لكن لم تُجرَ أي إصلاحات. ويقول ناشطون محليون إن الأموال التي جُمعت – إلى جانب تحويلات المغتربين – تُدار بشكل فاسد من قبل السلطات الموالية للميليشيا، مما خلق اقتصاداً موازياً خارج أي رقابة.
أزمة التعليم والتلاعب السياسي
امتد التدهور إلى قطاع التعليم أيضاً. فقد أعلنت مديرية التربية، التي تعمل تحت إشراف ما يسمى بـ“اللجنة الشرعية العليا” التابعة للهجري، تعليق الدوام المدرسي إلى أجل غير مسمى بذريعة “مخاوف أمنية”.
انتقد المعلمون والأهالي القرار ووصفوه بأنه تعسفي وذو دوافع سياسية، واتهموا الإدارة بمحاولة منع إضراب المعلمين المطالبين برواتبهم المتأخرة. وخرجت بالفعل احتجاجات تطالب بالمحاسبة وإعادة الخدمات واستئناف التعليم.
وفي قرية ريمة اللحف، تصاعد غضب الأهالي بعد أن أقالت اللجنة الشرعية المجلس البلدي المنتخب واستبدلته بتعيينات غير مؤهلة. واتهم الأهالي اللجنة بتزوير عرائض لتبرير القرار. وقال أحد السكان لوسائل إعلام محلية: “ما حدث يشبه انقلاباً على إرادة الناس”.
يتصاعد الاستياء الشعبي تجاه قوات الهجري مع تفاقم الفساد وانهيار الخدمات. ويقول السكان إن سيطرة “الحرس الوطني” المتزايدة على الموارد والإدارة باتت تتسم بأنماط جديدة من القمع والإكراه.
