
تضع حملة الرئيس السوري أحمد الشرع للقضاء على الفساد القائد الثوري السابق في معركةٍ من نوعٍ جديد مع بقايا النظام السابق – معركةٌ من أجل الحكم الشرعي لبلدٍ لطالما عانى من المحسوبية والانتهاكات.
في اجتماعٍ عُقد في 30 أغسطس/آب في محافظة إدلب – وهو أول اجتماعٍ له خارج دمشق منذ توليه منصبه – وبخ الشرع المسؤولين وقادة الأعمال لوصولهم بسياراتٍ فاخرة. وسأل، وفقًا للحضور الذين نقلت عنهم رويترز: “هل نسيتم أنكم أبناء الثورة؟”. ورغم الروايات المُبالغ فيها عن مصادرة المفاتيح والممتلكات أو اعتقال الحضور، وصفت وزارة الإعلام السورية الاجتماع لاحقًا بأنه غير رسمي ونفت أي إجراءاتٍ من هذا القبيل.
كان هذا التبادل دليلاً على مخاوف قديمة بشأن التحديات الأوسع المتمثلة في كيفية الانتقال من نمط الثورة إلى الدولة دون تكرار تجاوزات نظام بشار الأسد، الذي أطاح به الشرع قبل 10 أشهر بعد 14 عاماً من الصراع الدائر.
العائلة وخطوط الصدع في الإصلاح
حتى داخل دائرته المقربة، خالفت رسالة مكافحة الفساد الأعراف الإقليمية الراسخة. فبينما يشغل شقيقا الشرع، حازم وماهر، مناصب قيادية في الإدارة الجديدة، لا يعمل شقيقه الثالث، جمال، في الحكومة الجديدة بأي صفة. وصرح ستة مسؤولين ورجال أعمال لرويترز بأن مكتب جمال في دمشق، الذي كان يُدير صفقات استيراد وتصدير وسياحة، “أُغلق في أغسطس/آب وسط مزاعم باستغلاله الروابط العائلية للإثراء الشخصي”.
وأكدت وزارة الإعلام الإغلاق، قائلةً إن جمال “لم يُسمح له بالعمل ككيان استثماري أو تجاري”. وقال أحد أقاربه إن الرئيس عقد لاحقاً اجتماعاً عائلياً للتحذير من استخدام اسم العائلة لتحقيق أية مكاسب. مثّلت هذه الخطوة توبيخًا علنيًا نادرًا في منطقة غالبًا ما يغلب فيها الولاء العائلي على المبادئ السياسية، وحيث كان الخط الفاصل بين السلطة والمحسوبية تاريخيًا دقيقًا.
مكافحة الفساد في نظام هش
كما اعتقلت حكومة الرئيس الشرع محاميين مرتبطين بصندوق الثروة السيادية السوري المُنشأ حديثًا، والذي يُدير مئات الأصول المصادرة المرتبطة بشخصيات من عهد الأسد. وقالت الوزارة إن المحاميين يخضعان للتحقيق بتهمة السرقة، مضيفةً أن التهم “لم تُثبت بعد”. كما يُستجوب أعضاء لجنة الرقابة على الصندوق للاشتباه بارتكابهم مخالفات.
ومع ذلك، لا تزال شكاوى الفساد قائمة. وقال تسعة رجال أعمال ومسؤولين سوريين لرويترز إنهم أُجبروا على دفع رشاوى لاستعادة ممتلكات مُصادرة أو تأمين إطلاق سراح موظفين. وقال أحد الصناعيين إنه دفع 100 ألف دولار لإطلاق سراح عامل مُحتجز. وتُصرّ السلطات على أن مثل هذه الحالات فردية وأن أي شخص تثبت عليه التهمة يواجه “تحقيقًا فوريًا”.
معركة من أجل الشرعية
يقول محللون إن نجاح الشرع في القضاء على الفساد قد يُحدد ما إذا كانت حكومة ما بعد الأسد ستُحقق إصلاحًا حقيقيًا أم ستنحدر إلى دوامة أخرى من الاستغلال. يقول حسام جزماتي، الباحث في الحركات الإسلامية: “إنه ليس نتاجًا لمؤسسات الدولة، بل لفصيل”. ويضيف: “إذا بدأ الموالون بالاستيلاء على غنائم الحرب، فستُهدد قدرته على ترسيخ سلطته”.
بالنسبة لقائد نهض من قسوة الثورة، قد يكون أصعب صراع في سوريا هو ضمان ألا يرث النظام السوري الجديد فساد النظام القديم.

 
			 
                                 
		 
		 
		