
وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى البرازيل يوم أمس، 5 أكتوبر، لحضور قمة المناخ COP30، وهي المرة الأولى التي يحضر فيها زعيم سوري مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للمناخ منذ تأسيسه عام 1995. وتمثل مشاركته فصلاً جديداً في عودة سوريا إلى الساحة الدولية بعد أكثر من عقد من العزلة الدبلوماسية.
ووفقاً لوكالة الأنباء العربية السورية (سانا)، سيشارك الرئيس الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في جلسات القمة يومي 6 و7 نوفمبر، تليها اجتماعات ثنائية مع قادة ووفود من الدول المشاركة. وتجمع القمة، التي تُعقد في بيليم بين 6 و21 نوفمبر، ممثلين من حوالي 200 دولة لتقييم التقدم المحرز نحو الحد من الاحتباس الحراري وتعزيز أهداف الطاقة المتجددة.
من العزلة إلى الانخراط
صرح مصدر في وزارة الخارجية البرازيلية لقناة الإخبارية أن حضور الشرع “يُمثل نقطة تحول تاريخية في مسار الدبلوماسية السورية”. لسنوات، أبقت العقوبات الدولية والصراع سوريا على هامش المحافل العالمية الكبرى. ويبدو أن الحكومة السورية الآن عازمة على بث رسالة تعافي وإعادة إدماج.
صرح الصحفي الاقتصادي أحمد عمار لقناة الإخبارية أن حضور سوريا “يفتح نافذة جديدة على المجتمع الدولي”، معتبراً ذلك إشارة إلى أن دمشق تسعى إلى “علاقات طبيعية ومتوازنة” بعد عقود من الاضطرابات. وأشار إلى أن الزيارة تسبق أيضاً رحلة الشرع المقررة إلى واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
دبلوماسية المناخ والفرصة الاقتصادية
في حين أن البنية التحتية التي مزقتها الحرب في سوريا تُشكل تحديات، يرى المسؤولون أن قمة COP30 فرصة لجذب الاستثمار والتعاون التقني. قال عمار: “سوريا بحاجة إلى هذا المؤتمر لتظهر للعالم أن بلدها مدمر وبحاجة ماسة إلى تعزيز قضايا المناخ والبيئة”.
وأشار إلى حقول النفط الخاملة، ومصانع الأسمنت القديمة، والأنظمة الصناعية القديمة كمجالات ناضجة للتحديث. وأضاف: “ينتج العالم اليوم أسمنتًا خاليًا من التلوث”، داعيًا إلى شراكات تُوائِم إعادة الإعمار مع معايير الاستدامة العالمية.
ووفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حقق مؤتمر الأطراف 28 في الإمارات العربية المتحدة العام الماضي استثمارات بقيمة 85 مليار دولار في مجال المناخ. ويأمل المسؤولون السوريون في تحقيق نتائج مماثلة في بيليم، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة. وأكد “عمار” أن “سوريا تتمتع بـ 301 يوم مشمس جيد”، مما يجعلها مناسبة تمامًا لمشاريع الطاقة الشمسية.
السياق العالمي والتباين الإقليمي
انعقدت قمة بيليم دون مشاركة الولايات المتحدة، التي أكدت حكومتها أنها لن ترسل مسؤولين رفيعي المستوى. وكما ذكرت رويترز، وصف الرئيس ترامب تغير المناخ بأنه “أكبر خدعة في العالم”، مؤكدًا تراجع إدارته عن الجهود المناخية متعددة الأطراف.
في المقابل، يُبرز انخراط سوريا المُتجدد تحولاتٍ في دبلوماسية المناخ الدولية.
بعد غيابها عن النقاشات العالمية، تسعى دمشق الآن إلى إبراز دورها في التعاون البيئي والاقتصادي، ليس فقط كدولة مشاركة، بل كدولة تُعيد بناء مكانتها في العالم. في مؤتمر الأطراف الثلاثين، تبدو رسالة سوريا واضحة: إنها تُريد أن تكون جزءًا من الحوار العالمي حول المناخ والاستدامة والتعافي، وتعتزم البقاء فيه.
