
وقعت سوريا العقود الاستثمارية النهائية لتطوير وإنشاء وتشغيل مطار دمشق الدولي، في اتفاقية غير مسبوقة تُمثل أكبر مشروع استثماري في تاريخ البلاد. أُبرمت الاتفاقية بين الهيئة العامة للطيران المدني السورية وائتلاف دولي بقيادة شركة أوروكون القابضة القطرية، بمشاركة شركتي جنكيس وكاليون التركيتين، إلى جانب شركة أستس الاستثمارية الأمريكية.
ووفقًا للهيئة العامة للطيران المدني، يعكس المشروع، الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، تنامي الثقة الدولية بقطاع النقل الجوي السوري وإمكانياته المستقبلية. وقد بدأ العمل بالفعل في مبنى الركاب رقم 2 الجديد وفق جدول زمني مُسرّع للتنفيذ، إلى جانب تحسينات في المناطق المحيطة بالمطار ومرافقه التشغيلية. وفي الوقت نفسه، تُواصل الفرق العمل على إعادة تطوير طريق الوصول الرئيسي لضمان انسيابية حركة المرور وتحسين الاتصال.
تتولى شركة هيسكو الاستشارية العالمية الإشراف على التصميم، وقد ضمت فريقًا من أفضل المهندسين الدوليين، بمن فيهم متخصصون من شركة زها حديد المعمارية الشهيرة. ومن المتوقع أن يمنح هذا التعاون المشروع هوية معمارية مميزة ومعاصرة، تُلبي معايير الطيران العالمية.
مراحل التطوير وتوسيع الطاقة الاستيعابية
ستمر عملية تحويل المطار على عدة مراحل رئيسية. ستكون الصالة 2 أول صالة تُفتتح، ومن المقرر أن تبدأ عملياتها قبل موسم الحج المقبل. تشمل هذه المرحلة التركيب الكامل للأنظمة التشغيلية واللوجستية والأمنية، بدءًا من أنظمة الملاحة ومناولة الأمتعة ووصولًا إلى خدمات تزويد الطائرات بالوقود.
بعد ذلك، ستخضع الصالة 1 لإعادة تصميم كاملة لمرافقها الداخلية والخدمية. ومن المتوقع أن ترفع هذه العملية الطاقة الاستيعابية للمطار إلى ستة ملايين مسافر سنويًا بحلول نهاية عام 2026. وبعد ذلك، سيتم تشييد الصالة 3 الجديدة وفقًا للمعايير المعتمدة من قبل كل من منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) واتحاد النقل الجوي الدولي (IATA).
مع 32 بوابة صعود حديثة ومنطقة سوق حرة دولية واسعة تضم علامات تجارية عالمية ومطاعم ومقاهي، سيعزز مبنى الركاب رقم 3 القدرة التشغيلية بشكل كبير. وبمجرد اكتمال جميع مراحله، من المتوقع أن تصل الطاقة الاستيعابية السنوية للمطار إلى 31 مليون مسافر، مما يجعله مركزًا إقليميًا متكاملًا.
يشمل المشروع أيضًا بناء فندق خمس نجوم داخل حدود المطار لخدمة المسافرين وشركات الطيران. بالإضافة إلى ذلك، خُصص مبلغ 250 مليون دولار لشراء طائرات جديدة لتعزيز أسطول الناقل الوطني وتوسيع نطاق الربط الإقليمي والدولي.
الأهمية الاستراتيجية والأثر الاقتصادي
يُعتبر إعادة تطوير مطار دمشق الدولي ركنًا أساسيًا في استراتيجية البنية التحتية الوطنية في سوريا. فإلى جانب إعادة تأهيل البوابة الجوية الرئيسية للبلاد، يهدف المشروع إلى دعم عودة حركة النقل الجوي الإقليمية والدولية وتحفيز النشاط الاقتصادي على نطاق أوسع.
مع ما يُقدّر بنحو 90 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاعات الهندسة، وعمليات الطيران، والخدمات اللوجستية، والضيافة، والقطاعات ذات الصلة، يُعدّ مشروع توسعة المطار أحد أهم المشاريع المُولّدة للوظائف في قطاع الطيران السوري. كما يُهيئ هذا المشروع لتعزيز دور سوريا في التجارة الإقليمية، والسياحة، والخدمات اللوجستية، مُمثّلاً بذلك خطوةً هامةً نحو إعادة تأهيل وتحديث قطاع الطيران الوطني.
