
في إسهام بارز في حقل التاريخ المعاصر، أصدرت وكالة الأناضول كتابًا جديدًا بعنوان “الثورة السورية: من قمع البعث إلى الحرية”، يوثّق مسيرة الشعب السوري من عقود الحكم الاستبدادي إلى لحظة التحرر. ويحتوي الكتاب على 327 صفحة، وصدر باللغتين التركية والإنجليزية، بالتزامن مع الفعاليات التي تحيي ذكرى سقوط نظام الأسد.
سرد منهجي للصراع والانتقال
يقدّم الكتاب عرضًا تفصيليًا وتسلسلًا زمنيًا لأحداث الثورة، بما في ذلك الأيام الاثنا عشر الحاسمة التي سبقت انهيار نظام الأسد، والاحتفالات التي عمّت البلاد بعد ذلك، إلى جانب توثيق واسع لجرائم الحرب والانتهاكات المنهجية. كما يسلّط الضوء على شهادات ناجين، ويعرض ملفات لأشخاص متهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة ما زالوا قيد التحقيق، إضافة إلى استعراض أول انتخابات أُجريت في المرحلة الجديدة.
ويستهل الكتاب فصوله بتتبّع محطات تاريخية مفصلية، بدءًا من استقلال سوريا عن الانتداب الفرنسي عام 1946، وصولًا إلى صعود بشار الأسد المخلوع إلى السلطة عام 2000، مبيّنًا الظروف والمنعطفات الحاسمة التي مهّدت لسقوط النظام. وتدعم السرد صور التقطها مراسلو وكالة الأناضول، وشهادات مباشرة لضحايا القمع والنزوح والتعذيب.
توثيق الانتهاكات من أجل العدالة والذاكرة
يتمثل أحد الأهداف الأساسية للكتاب في التوثيق المنهجي للانتهاكات التي ارتكبها النظام الساقط، بما في ذلك المقابر الجماعية، ومراكز التعذيب، وغيرها من الجرائم. ويُراد له أن يكون مرجعًا تاريخيًا ومصدرًا يدعم الجهود الجارية لتحقيق العدالة والمساءلة. ويؤكد المدير العام لوكالة الأناضول، سردار قره غوز، في مقدمة الكتاب، أن الدراسة تعرض أدلة رئيسية على جرائم حرب وانتهاكات ممنهجة ارتُكبت بحق المدنيين.
وكتب قره غوز: “تقدّم الدراسة تحليلًا معمّقًا لديناميكيات الصراع، وللمعاناة التي تكبّدها الشعب السوري على مدى سنوات طويلة من القمع والعنف”. ويشير إلى أن الكتاب يجمع بين التقارير الإخبارية، والتحقيقات الميدانية، والشهادات، والمواد الوثائقية، بما يشكّل قاعدة علمية رصينة للبحوث المستقبلية المتعلقة بسوريا وحقوق الإنسان.
توثيق الكلفة الإنسانية وصمود الأمة
يجمع الكتاب وثائق رسمية وصورًا وشهادات مباشرة لتصوير الأثر طويل الأمد لسياسات النظام وردّه العنيف على المطالب الشعبية بالإصلاح والعدالة. ويؤكد أن النهج العسكري والأمني للنظام تسبّب في مقتل مئات الآلاف، وإصابة نحو مليوني شخص، وتهجير أكثر من 13 مليون سوري داخل البلاد وخارجها.
وقد تُوّج هذا الثمن الإنساني الهائل بانتصار وطني في 8 كانون الأول/ديسمبر، فاتحًا مرحلة جديدة يتصدّرها مفهوم الحرية والسيادة. ويعدّ كتاب “الثورة السورية” ثالث أهم إصدارات وكالة الأناضول في هذا الشأن، بعد كتاب “الأمة اليتيمة سوريا” من سلسلة “كانت هناك”، وكتاب “سوريا… على درب الثورة”، اللذين وثّقا تطورات الأيام الأولى لانتفاضة عام 2011.
