
وصل وفد من مجلس الأمن الدولي إلى دمشق يوم الخميس 4 كانون الأول/ديسمبر في أول زيارة رسمية له إلى سوريا منذ أكثر من أربعة عشر عامًا، في خطوة وصفها أعضاء المجلس بأنها لحظة نادرة من التوافق، ودلالة على تغيّر الديناميكيات في المنطقة. وتتزامن الزيارة مع الذكرى الأولى لتحرير سوريا ودخولها مرحلة جديدة ما بعد الأسد.
وقال سفير سلوفينيا لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار، الذي يترأس الوفد في ظل رئاسة بلاده الدورية للمجلس، في إحاطة صحفية مطلع الأسبوع إن الزيارة تأتي في “فترة حساسة للمنطقة ووقت مهم لهذين البلدين”، في إشارة إلى سوريا ولبنان. وأوضح أن الوفد يسعى إلى إظهار “الدعم والتضامن” وفهم التحديات المقبلة، وفق تصريحاته السابقة.
وفد موحّد ولحظة رمزية
وافق جميع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر على الزيارة، وهو توافق يعتبره مسؤولون سوريون ومراقبون ذا دلالة كبيرة. وأفادت وزارة الخارجية السورية بأن وصول الوفد “يحمل رسالة دعم من المجتمع الدولي لسوريا الجديدة”، مضيفة أن هذه هي المرة الأولى منذ أربعة عشر عامًا التي يتوصل فيها أعضاء المجلس إلى إجماع كامل حول مهمة تتعلق بسوريا.
ويضم الوفد سفراء وكبار مسؤولين من الدول دائمة العضوية: الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة، إضافة إلى ممثلين عن الجزائر، الدنمارك، اليونان، غويانا، باكستان، بنما، سيراليون، سلوفينيا، الصومال وكوريا الجنوبية. وتشمل الزيارة لقاءات مع الرئيس أحمد الشرع وعدد من الوزراء ومسؤولي الأمم المتحدة، إلى جانب اجتماعات مع منظمات المجتمع المدني ومجتمعات تضررت من الاضطرابات الأخيرة في السويداء والساحل السوري خلال ربيع هذا العام.
وتأتي الزيارة في ظل تصاعد الضربات والتوغلات الإسرائيلية على الأراضي السورية خلال الأيام الماضية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المنظمة “تشعر بقلق بالغ” إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في الجنوب السوري، واصفًا إياها بأنها اعتداءات على وحدة سوريا وسيادتها.
التعاون مع الأمم المتحدة والتوقعات السياسية
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن المنظمة “تتعاون بشكل فاعل مع الحكومة السورية”، مشددًا على ضرورة أن تشعر جميع مكونات المجتمع بأنها ممثَّلة. وأضاف في تصريح لوكالة رويترز أن على الحكومة “بذل مزيد من الجهود لإشراك بعض شرائح المواطنين”، مجددًا في الوقت نفسه أهمية احترام سيادة سوريا وتجنب التدخل الخارجي.
وتأتي الزيارة في وقت تعيد فيه وكالات الأمم المتحدة تقييم وجودها في سوريا. وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان هذا الشهر إن سوريا تستعد لإحياء اليوم الدولي لحقوق الإنسان في 10 كانون الأول/ديسمبر للمرة الأولى، واصفًا ذلك بأنه “فصل جديد” في العلاقة بين الأمم المتحدة والسلطات السورية.
من جهته، قال محمد النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن الوضع يظهر “تحسنًا ملموسًا”، مشيرًا إلى أن فريقًا دائمًا بات يعمل في دمشق بعد سنوات من العمل من الخارج.
آفاق الاستقرار الإقليمي
سيواصل أعضاء مجلس الأمن جولتهم في لبنان، حيث يخططون لزيارة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ولقاء كبار المسؤولين السياسيين. وقالت مايا أونغار، المحللة في مجموعة الأزمات الدولية، إن الزيارة قد تساعد في توضيح مقاربة المجلس للتغييرات المتوقعة في دور الأمم المتحدة في سوريا ولبنان.
ومع دخول سوريا ما تصفه السلطات بمرحلة جديدة، يؤكد كل من الحكومة وممثلي الأمم المتحدة أن الاستقرار طويل الأمد سيعتمد على المشاركة السياسية، والتعافي الاقتصادي، واستمرار التعاون مع المؤسسات الدولية.
