
تفاقمت الأزمة الإنسانية في سوريا بعد قرار روسيا تعليق صادرات القمح إلى البلاد، مما يضع ملايين الأشخاص في خطر انعدام الأمن الغذائي. هذا التوقف المفاجئ في الإمدادات خلق فجوة حرجة، لكن أوكرانيا تعهدت بالتدخل، مقدمة مساعدات غذائية ومعبرة عن تضامنها مع الشعب السوري في أعقاب انهيار نظام بشار الأسد.
ايقاف توريد القمح الروسي
كانت روسيا، المزود الرئيسي للقمح في سوريا، قد أوقفت الشحنات بسبب “عدم اليقين بشأن السلطة الجديدة” وتأخر المدفوعات عن الشحنات السابقة في عهد الأسد المخلوع، وفقاً لمصادر نقلتها وكالة رويترز. وكشفت بيانات الشحن أن سفينتين تحملان القمح الروسي كانتا متجهتين إلى سوريا لم تصل إلى وجهتهما.
على مدى سنوات، اعتمد النظام السابق بشكل كبير على القمح الروسي، الذي كان يتم تأمينه عبر ترتيبات مالية تهدف إلى تجاوز العقوبات الغربية. وكانت هذه الإمدادات الروسية ضرورية لسوريا مع تراجع إنتاجها المحلي من القمح، حيث خفض النظام دعمه للمزارعين المحليين لصالح الواردات الأرخص. أدى تعليق الإمدادات إلى ترك سوريا تكافح لتأمين القمح من الأسواق الدولية، حيث تعقد العقوبات الغربية، رغم أنها لا تستهدف الغذاء بشكل مباشر، جهود الشراء.
أوكرانيا تمد يد العون
في مواجهة هذه الأزمة، عرضت أوكرانيا تقديم القمح وإمدادات غذائية أخرى إلى سوريا. وقال وزير الزراعة الأوكراني، فيتالي كوفال، لوكالة رويترز: “عندما تكون الأمور صعبة، علينا أن نكون موجودين بطعامنا. نحن منفتحون على توفير الغذاء، وإذا كانت سوريا بحاجة إليه، فسوف نلبي الطلب.”
وأعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن مبادرة إنسانية لتوصيل الغذاء إلى سوريا تحت برنامج “الحبوب من أوكرانيا”. ووجه حكومته لوضع آليات لتوفير الإمدادات الغذائية بالتعاون مع المنظمات الدولية. وقال زيلينسكي عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “بالنسبة لأوكرانيا، هذا مهم: كلما كانت الأوضاع أكثر هدوءاً في مثل هذه المناطق، زادت جهود العالم لمساعدتنا في تحقيق السلام.”
استأنفت أوكرانيا تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بعد كسر الحصار البحري الفعلي الذي فرضته روسيا. وعلى الرغم من أن سوريا لم تكن مستورداً تقليدياً للحبوب الأوكرانية، يعتقد المحللون أن كميات صغيرة وصلت إلى الأسواق السورية عبر الدول المجاورة.
إعادة بناء العلاقات
تشير جهود أوكرانيا لتزويد سوريا بالغذاء إلى نية أوسع لإعادة بناء العلاقات مع البلاد بعد سقوط الأسد، الحليف القديم لروسيا. وقال وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيها: “نحن مستعدون لتمهيد الطريق لاستعادة العلاقات في المستقبل ونؤكد دعمنا للشعب السوري.”
في الوقت نفسه، دعت الحكومة الانتقالية في سوريا روسيا إلى مواصلة الشراكة، لكنها حثت موسكو على إعطاء الأولوية للعلاقات مع الشعب السوري بدلاً من النظام السابق. وتبرز الأزمة التوازن الهش الذي يجب على سوريا تحقيقه وهي تعيد البناء، مع تحالفات متغيرة وحاجة ماسة للدعم الإنساني الذي يشكل مستقبلها القريب.
أوكرانيا تقود المبادرة
بينما تواجه سوريا تحديات مزدوجة تتمثل في تأمين الإمدادات الغذائية وإعادة بناء بنيتها التحتية المدمرة، دعا زيلينسكي المجتمع الدولي للانضمام إلى الجهود الرامية إلى استقرار البلاد. وقال: “الحرب التي اندلعت قبل أكثر من عقد بمشاركة إيران وروسيا يجب أن تنتهي أخيراً.”
في الوقت الحالي، تقدم أوكرانيا عبر استعدادها لتقديم المساعدات الغذائية بصيص أمل لملايين السوريين، بينما تسعى المنظمات الدولية جاهدة لمعالجة الأزمة المتفاقمة.