
شهدت سوريا والمملكة العربية السعودية، يوم السبت 31 يونيو/حزيران، لحظة محورية في علاقاتهما الدبلوماسية والاقتصادية، حيث ترأس وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وفدًا رفيع المستوى إلى دمشق لإجراء محادثات تركزت على إعادة الإعمار والاستثمار وإعادة التكامل الإقليمي.
خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في قصر تشرين، أكد بن فرحان التزام المملكة العربية السعودية بدعم استقرار سوريا وإنعاش اقتصادها. وقال: “نؤكد موقف المملكة الثابت في دعم وحدة سوريا واستقرارها”. وأضاف: “إن العلاقات التاريخية بين المملكة وسوريا تعكس عمق العلاقات المتينة التي لطالما قامت على دعم الاستقرار وتعزيز فرص التقدم الاقتصادي”.
واجتمع الوفد السعودي، الذي ضم كبار المسؤولين من وزارات المالية والاستثمار والخارجية، مع الرئيس السوري أحمد الشرع ومسؤولين اقتصاديين سوريين لبحث مشاريع مشتركة، لا سيما في قطاعات الطاقة والتجارة والاتصالات. ووفقًا لفرحان، ستقدم المملكة العربية السعودية وقطر أيضًا دعمًا ماليًا مشتركًا للعاملين في القطاع العام السوري مع خروج البلاد من سنوات الحرب.
الاستثمار في الصدارة
تأتي الزيارة في ظل تزايد الاهتمام السعودي بإعادة إعمار سوريا. وصرح المحلل الاقتصادي أيمن جمعة لصحيفة “العربي الجديد” أن الاستثمارات السعودية قد تصل في نهاية المطاف إلى 200 مليار دولار، في ظل سعي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحقيق تكامل إقليمي يربط سوريا بالأردن والبحر الأبيض المتوسط عبر ممرات العبور.
لقد أتاحت فاتورة إعادة إعمار سوريا، المقدرة بـ 700 مليار دولار، مجموعة واسعة من الفرص لرؤوس الأموال الخليجية. ويبدو أن المملكة العربية السعودية، التي استثمرت أكثر من 2.8 مليار دولار في سوريا قبل عام 2011، على أهبة الاستعداد للعودة كلاعب رئيسي، لا سيما مع بدء رفع العقوبات الدولية.
وأكد الشيباني أن المشاركة السعودية بدأت تُثمر بالفعل نتائج ملموسة. وقال: “قبل يومين فقط، وقّعنا اتفاقية طاقة رئيسية من شأنها أن تُعيد الأمل إلى سوريا”. وأضاف أن الجهود السورية لا تُركز على المساعدات المؤقتة، بل على “بناء شيء أفضل”، بما في ذلك إعادة إحياء البنية التحتية، وتعزيز سوق العمل، وتحقيق السيادة الاقتصادية.
تحول استراتيجي في العلاقات الثنائية
أكد الجانبان أن المرحلة الجديدة من التعاون ليست رمزية. قال الشيباني في بيان نُشر على موقع X: “هذه الزيارة خطوة مهمة في رسم ملامح العلاقات الاقتصادية والاستثمارية. وستساهم في دعم عملية إعادة الإعمار، وخلق فرص متنوعة لشعبينا، وتطوير البنية التحتية”.
شهد حجم التجارة بين البلدين انخفاضًا حادًا خلال سنوات النزاع، لكنه بدأ ينتعش. ففي عام 2024، بلغ حجم التجارة الثنائية 320 مليون دولار، مع فائض متواضع لسوريا، وفقًا لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية.
وأكد فرحان أن الرياض ترى في تعافي سوريا مصلحة إقليمية مشتركة. وأضاف: “تمتلك سوريا العديد من الفرص والإمكانات. إن العلاقات الأخوية والتاريخية بين بلدينا ركيزة أساسية لمستقبل مشرق”.
وأشار الجانبان إلى أن اجتماعات يوم السبت ستتبعها مشاورات ومنتديات أخرى تهدف إلى الحفاظ على زخم التعاون المتجدد.