
كشفت وزارة الدفاع السورية يوم الجمعة 30 يونيو/حزيران عن لائحة قواعد سلوك وانضباط جديدة وشاملة للقوات المسلحة، في خطوة تهدف إلى ترسيخ الانضباط واستعادة ثقة المواطنين بجيش استخدمه نظام الأسد لفترة طويلة لقمع الشعب وإساءة معاملته، وارتبط اسمه بانتهاكات استبدادية وانتهاكات لحقوق الإنسان.
جيش يحترم ويحمي
وصفت الوزارة اللائحة الجديدة بأنها “ميثاق عسكري وطني”، يحدد الالتزامات الأخلاقية، وقواعد السلوك الملزمة، والمحظورات الصارمة لجميع الأفراد، داخل ساحة المعركة وخارجها. ويصر المسؤولون على أنها تنطبق على جميع من يرتدون زي الجيش السوري الجديد.
ووصف وزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، هذه الخطوة بأنها أساسية لإعادة بناء جيش محترف. وكتب على موقع X: “الجندية رسالة نبيلة ومسؤولية وطنية كبرى. ولأن تصرفات أي فرد من أفراد القوات المسلحة تؤثر بالضرورة على الجيش بأكمله، كان من الضروري إعداد قائمة بالواجبات والمحظورات”.
ويؤكد الميثاق أن دور الجيش يتجاوز القتال. تشمل المسؤوليات الأساسية حماية المدنيين، والدفاع عن السيادة الوطنية، والتمسك بالمعايير القانونية وحقوق الإنسان. ويؤكد الميثاق على أن الانضباط والتسلسل الهرمي يجب أن يعززا احترام الجندي للمجتمع، لا أن يُضعفاه.
القيم والمخالفات
ترتكز هذه المبادئ التوجيهية على ثلاثة ركائز أساسية: الالتزام بالقيم الأخلاقية الأصيلة، والاحترام الراسخ لتسلسل القيادة، والإيمان بالجيش كركيزة من ركائز الوحدة الوطنية.
يُعرّف الميثاق السلوكيات غير المقبولة بعبارات واضحة. وتشمل هذه السلوكيات عصيان الأوامر، والتعدي على المدنيين، وإتلاف الممتلكات، والتمييز الطائفي. كما يُحظر على الجنود التقاط صور غير مصرح بها، والإدلاء بالتصريحات بدون إذن، وإهانة المعتقلين، وتسريب معلومات عسكرية حساسة. وتؤكد الوزارة أن أي مخالفة ستُواجه بعواقب قانونية.
وأكدت الوزارة أن هذه المبادئ التوجيهية تعكس أكثر من مجرد طموح أخلاقي. وذكرت في بيانها: “هذه وثيقة مُلزمة”، مؤكدةً أن المخالفات ستُحال إلى الجهات القضائية بموجب القانون الحالي.
ميثاق وسط تعقيدات
مع ذلك، يُشير بعض النقاد إلى غموضٍ يحيط بتطبيق القانون، لا سيما فيما يتعلق بالفصائل غير المنضبطة أو شبه المستقلة. ويزعم المنتقدون أنه على الرغم من انضمام بعض الفصائل إلى صفوف الوزارة، إلا أنها تعمل ظاهريًا تحت لوائها، مع الحفاظ على تسلسل قيادي منفصل، وتواصل ارتكاب الانتهاكات.
في 28 مايو/أيار، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عدد من الشخصيات التابعة للفرق المُشكّلة حديثًا في الجيش السوري، بمن فيهم قادة متهمون بانتهاكات حقوق الإنسان في الساحل السوري في وقت سابق من هذا العام. والجدير بالذكر أن بعض الأفراد الخاضعين للعقوبات لا يزالون يشغلون مناصب قيادية داخل الوزارة، مما دفع البعض إلى التشكيك في مدى جدية الإصلاحات وفعاليتها.
كما أنه من غير الواضح ما إذا كان الميثاق سيُطبّق بأثر رجعي على الانتهاكات السابقة، أم أنه سيُستخدم في المقام الأول كأداة استشرافية تهدف إلى ردع الانتهاكات المستقبلية بدلًا من المساءلة عن الأفعال السابقة.
مع ذلك، يُصرّ اللواء مرهف أبو قصرة على أن الوزارة تعمل على “استعادة العلاقة بين الجيش والشعب”، وأن القانون الجديد خطوة حاسمة. إنما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تغيير ذي معنى – أو يصبح وثيقة رمزية أخرى – قد يتوقف على قدرة الوزارة على مواجهة الثقافة وأنماط السلوك الراسخة داخل الرتب العسكرية.