
اجتمعت في السويداء مجموعة متنوعة من الشخصيات السياسية والدينية والمدنية لحضور المؤتمر العام، الذي اختتم الثلاثاء بسلسلة من التوصيات التي تهدف إلى إعادة تعريف علاقة المحافظة بالحكومة المركزية ودعم الوحدة الوطنية من خلال الإصلاح المؤسسي.
جمع الحدث ما يقارب 120 مشاركًا، من بينهم الشيخان الدرزيان يوسف جربوع وحمود الحناوي، بالإضافة إلى ممثل عن الزعيم الروحي حكمت الهجري وأفراد من المجتمع المسيحي. ووصف منظمو المؤتمر هذا الحدث بأنه جهدٌ لصياغة المطالب المحلية رسميًا وإيصالها مباشرةً إلى دمشق.
تشكيل صوت منسق
صرحت الناشطة السياسية ومنسقة المؤتمر، ميساء العبد الله، للصحافة بأنه تم انتخاب أمانة عامة من 31 عضوًا لتمثيل مخرجات المؤتمر. وتضم الأمانة سياسيين وشبابًا وست نساء، وهي مكلفة بتشكيل لجان للتواصل مع المؤسسات الحكومية.
قالت العبد الله: “هدفنا تنظيم العلاقة مع الدولة، وتأكيد دور السويداء في رسم مستقبل سوريا”. وأشارت إلى أن الهيئة تستمد شرعيتها من المؤتمر، الذي ضمّ ممثلين عن النقابات والتجمعات السياسية والحركات المدنية.
وأكد ضاحي الدبس ممثل نقابة المهندسين الزراعيين على تنوع الأصوات الحاضرة والمناقشات الواسعة النطاق التي جرت خلال الحدث الذي استمر ليومين، حيث تمت مراجعة أكثر من 90 ورقة سياسية.
الإجماع على الوحدة الوطنية
وصف جمال الشوفي، عضو لجنة المراقبة، الأجواء بأنها بناءة. وأشار إلى وجود اتفاق واسع بين الحضور على مبدأ الدولة السورية الموحدة التي تحكمها القوانين والمؤسسات. وتناولت المناقشات مجموعة من القضايا المعقدة، بما في ذلك العدالة الانتقالية، واللامركزية، والخطاب الطائفي، والحاجة إلى إصلاحات قانونية.
قال الشوفي: “كانت هناك دعوة واضحة للابتعاد عن الهيمنة الأيديولوجية أو الدينية على هوية الدولة”. كما أيد المشاركون إجراء تحقيقات في أعمال العنف الأخيرة في السويداء وصحنايا وجرمانا .
نقاط توتر وانسحاب
رغم التوافق العام، لم يخلو المؤتمر من الجدل. انسحب فصيل رجال الكرامة بعد دعوته “كضيوف” دون حق الترشيح أو التصويت. كما انسحب أمير حسن الأطرش، لأسباب بروتوكولية تتعلق بحذف اسمه من افتتاح المؤتمر، حسبما ورد.
ردًا على ذلك، أكدت ميساء العبد الله تركيز اللجنة على التشاركية وبناء الدولة المدنية. وأشار الشوفي إلى أن استبعاد الفصائل المسلحة لم يُضعف الإجراءات، واصفًا هذه المواقف بـ”الخيارات الفردية”.
المشهد المعقد في السويداء
تظل السويداء منطقةً فريدةً سياسيًا ، حيث يتقاسم الزعماء الدينيون والجماعات المسلحة المحلية والمؤسسات الحكومية توازنًا دقيقًا للسلطة. وقد شهدت المدينة ذات الأغلبية الدرزية تعاونًا وتوترًا متقطعين مع دمشق، حيث رفضت بعض الفصائل سيطرة الحكومة رفضًا قاطعًا.
لم يصمد اتفاقٌ أُبرم في الأول من مايو/أيار بين شخصيات محلية والسلطات لاستعادة الأمن. ولا تزال أعمال العنف المتفرقة، بما في ذلك القصف الأخير من قِبل جماعات تُصنّفها الحكومة على أنها خارجة عن القانون، تُشكّل اختبارًا للهدوء الهشّ في المدينة. وقد أبرزت استقالة المحافظ مصطفى البكور في مايو/أيار استمرار حالة عدم الاستقرار.
ورغم أن المؤتمر يهدف إلى دفع أجندة مدنية شاملة، فإن مسار السويداء نحو مزيد من الحكم الذاتي داخل سوريا الموحدة يظل غير مؤكد، ويتأثر إلى حد كبير بالجهود الشعبية والتطورات السياسية الوطنية.