أطلقت الحكومة السورية جهودًا تدريجية لتحقيق الاستقرار في محافظة السويداء، تضمنت إجلاء عائلات من العشائر العربية كانت محتجزة على خلفية أحداث العنف الأخيرة، والعمل على إعادة الخدمات الأساسية. ووصفت السلطات هذه الإجراءات بأنها ضرورة إنسانية، في ظل استمرار التوتر مع الانفصاليين المدعومين من إسرائيل من أتباع حكمت الهجري، الذين يعارضون تدخل الدولة.
ويوم الإثنين، قامت حافلات حكومية بإجلاء نحو 300 مدني من أبناء العشائر من السويداء إلى درعا، في إجراء وصفه المسؤولون بأنه مؤقت ويهدف للحماية. وأكد العميد أحمد الدلاتي، قائد الأمن الداخلي في السويداء، التزام الدولة بضمان عودة آمنة للعائلات حالما تسمح الظروف. وقال: “الأولوية هي لتثبيت وقف إطلاق النار وتلبية الاحتياجات الإنسانية”، مستبعدًا أي أجندات فيدرالية أو انفصالية، ومؤكدًا أن وحدة سوريا خط أحمر لا يمكن التفاوض حوله.
تصاعد الاستجابة الإنسانية
وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن أكثر من 93 ألف شخص نزحوا من مناطق في السويداء إلى درعا وريف دمشق. وردًا على ذلك، أطلقت الجهات الحكومية والجمعيات المدنية حملة إغاثة منسقة.
وقد أوصل الهلال الأحمر العربي السوري مساعدات طبية وغذائية للمناطق المتضررة، نافيًا شائعات تداولتها وسائل التواصل حول توزيع مواد منتهية الصلاحية. وأوضح مدير الإعلام في الهلال الأحمر السوري، عمر المالكي، أن اللقطات المتداولة تعود لمخزون قديم كان في طريقه للتخلص منه.
وفي الوقت ذاته، أرسلت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قوافل مستقلة من دمشق وحلب. وقالت المديرة دانيا المعفلاني إن مراكز الإيواء تعطي الأولوية للفئات الأكثر ضعفًا، كالأطفال وكبار السن والمرضى. وقد شملت المساعدات آلاف السلال الغذائية والبطانيات والمواد الصحية.
عقبات على الأرض
رغم الهدوء النسبي في بعض مناطق المحافظة، إلا أن الوضع لا يزال هشًا. فقد تم اختطاف مدير مركز الدفاع المدني في السويداء، حمزة العمارين، الأسبوع الماضي أثناء مشاركته في عملية إجلاء لوفد من الأمم المتحدة. واتهمت منظمة “الخوذ البيضاء” فصائل مسلحة محلية بالمسؤولية، ووصفت الحادثة بأنها انتهاك خطير لحياد العمل الإنساني.
وقالت المنظمة في بيان صدر الإثنين: “يجب ضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني حتى تصل المساعدات لمن هم في أمسّ الحاجة”. وذكرت مصادر محلية أن هناك نقصًا حادًا في الأدوية والمواد الغذائية والمياه، وأن مستشفى شهبا يواجه خطر الانهيار بسبب نفاد المواد. وتعمل الحكومة على إعادة تفعيل المؤسسات العامة، إلا أن المحافظ مصطفى البكور أقرّ بأن الاضطراب الأمني لا يزال يشكل عائقًا أمام التعافي الكامل.
وقف إطلاق النار قائم ومسار سياسي يلوح في الأفق
دخل وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بدعم أمريكي، حيز التنفيذ يوم الأحد، ما أوقف أيامًا من الاشتباكات العنيفة التي أسفرت عن مئات القتلى، وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان. وقال وزير الداخلية أنس خطاب إن الهدنة تهدف لإطلاق سراح المحتجزين وبدء مسار مصالحة.
مع ذلك، فإن الاتهامات بتورط إسرائيلي فاقمت حالة عدم الثقة. وذكرت تقارير أن إسرائيل أرسلت مساعدات إلى السويداء بالتنسيق مع واشنطن، لكن الزعيم الدرزي حكمت الهجري رفض دخول قافلة حكومية سورية، ما يشير إلى استمرار التمرد على سلطة الدولة واستمرار حرمان آلاف السكان من الخدمات.
وتؤكد الحكومة أنها تعمل على ترسيخ الهدوء وتوسيع نطاق وصول المساعدات، على أن يتبع ذلك حوار سياسي شامل. وقال العميد أحمد الدلاتي قائد الأمن الداخلي في السويداء: “ستكون هناك مناقشات مع أبناء السويداء حول المستقبل، فور ضمان الأمن”.
