أجرى فضل عبد الغني، مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR)، مقابلة حصرية مع Levant24 حول تقرير الأمم المتحدة الأخير بشأن أعمال العنف التي شهدتها المنطقة الساحلية السورية في مارس/آذار الماضي. واصفًا التقرير بأنه يقدم رواية متوازنة وموضوعية لأحد أكثر فصول الحرب حساسية.
وأشار التقرير، الذي أعدته لجنة التحقيق الدولية منذ عام 2011 وتضم محققين بارزين، إلى أن أعمال العنف نتجت عن توترات طائفية طويلة الأمد نشأت في ظل حكم بشار الأسد، الذي وضع موالين علويين في مناصب عسكرية وأمنية رئيسية، مؤكداً على سلسلة الانتهاكات ضد المسلمين السنة أعقبها هجمات انتقامية على العلويين بعد سقوط الأسد.
من الانتقام إلى العنف الجماعي
وأوضح عبد الغني أن التقرير يوثق أعمالًا انتقامية مبكرة نفذها ضحايا السنة تصاعدت في غياب عدالة انتقالية. ففي مناطق مثل طرطوس وجبلة واللاذقية، قُتل 231 عنصرًا من إدارة الأمن العام واستُهدفت المستشفيات، وانتشر العنف بسرعة مدفوعًا بالخطاب الطائفي على وسائل التواصل الاجتماعي. وشارك بعض المقاتلين السابقين في هيئة تحرير الشام وفصائل مثل الحمزات والسلطان مراد وأحرار الشام، وغالبًا من دون انضباط عسكري رسمي، في انتهاكات شملت الإعدامات الجماعية والنهب والحرق المتعمد.
ووفق التقرير، يُقدَّر عدد القتلى في الساحل بحوالي 1400 شخص، وهو رقم أكد عبد الغني أنه يتوافق مع تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، منتقدًا الأرقام المبالغ فيها التي تصل إلى 17 ألف حالة وفاة. واعتبر التقرير أن هذه الانتهاكات تُشكل جرائم حرب.
ورغم أن لجنة الأمم المتحدة لم تجد أي دليل على صدور أوامر قتل من الحكومة المركزية – وهو استنتاج يختلف عن تقرير رويترز – إلا أنها شددت على أن انتماء الجناة للحكومة يجعل دمشق مسؤولة عن أفعالهم. وقال عبد الغني: “عدم وجود أمر مركزي بالقتل لا يُبرئ الحكومة”، مؤكدًا ضرورة فرض ضوابط أقوى لمنع استمرار العنف دون رادع.
دعوات للتحرك والإصلاح
وحث عبد الغني السلطات السورية على نشر النتائج الكاملة لتقريرها التحقيقي، الذي لم يُكشف منه سوى ملخص حتى الآن، وتوسيع إجراءات المساءلة لتتجاوز 41 اعتقالًا أعلنتها السلطات حتى الآن. كما دعا إلى تسريع إصدار شهادات الوفاة، وتعويض الضحايا، وزيادة الشفافية.
وأشار عبد الغني إلى الصعوبات في استعادة سيادة القانون في سوريا ما بعد النزاع، في ظل مؤسسات ضعيفة وفاسدة موروثة من حكم الأسد، وفصائل مسلحة غير مدمجة، بعضها مدعوم من قوى أجنبية. وأكد أن أي عملية قضائية محايدة يجب أن تشمل محاسبة المخالفين من المجموعتين الموالية للحكومة والمعارضة على حد سواء لتجنب تعميق الانقسامات.
دور المجتمع المدني في المرحلة الانتقالية
وأيد عبد الغني دعوات الأمم المتحدة للإصلاح، مشددًا على أهمية مشاركة المجتمع المدني السوري في صياغة الدستور، ومراقبة الحكومة، وإعادة هيكلة النظام القانوني. وقال: “بينما للمنظمات الدولية دور، يجب أن تقود المؤسسات الوطنية العملية”، مضيفًا أن تعاون المجتمع المدني يصب في مصلحة الحكومة والشعب السوري معًا. وأكد أن السرد التفصيلي للجنة حول أحداث الساحل يجب أن يُعتبر سجلًا تاريخيًا وخارطة طريق للعدالة، إذا التزمت السلطات السورية بتنفيذ توصياته.
