واصلت السلطات السورية يوم السبت فحص الحطام واستجواب الشهود بعد أن أصاب صاروخان من نوع كاتيوشا حي المزة 86 بدمشق مساء الجمعة 14 نوفمبر. أدت الهجمات إلى إصابة عدة مدنيين وتضرر مبانٍ سكنية، فيما قُتلت امرأة في إحدى الضربات. ويُعدّ هذا الهجوم تصعيدًا غير معتاد في مدينة شهدت عددًا قليلاً من هذه الحوادث منذ سقوط حكومة الأسد العام الماضي.
تفاصيل من موقع الحدث
قالت وزارة الدفاع السورية إن الصواريخ أُطلقت من أطراف العاصمة باتجاه مناطق مأهولة في المزة. وفي بيانها عبر إدارة الإعلام والاتصال، ذكرت الوزارة أن “عددًا من المدنيين” أُصيبوا، وأن قوات الأمن بدأت تحقيقًا مشتركًا بالتعاون مع وزارة الداخلية لتحديد مسار الصواريخ والجهة المنفذة. ووصفت وسائل الإعلام الرسمية، بما فيها سانا، الضربة بأنها “هجوم غادر”.
قال سكان محلّيون لوسائل إعلامية إن الانفجارات هزّت الأبنية في المزة 86، وهو حي مكتظ بالسكان يعرف بكتل سكن عشوائية. وبحسب قناة تلفزيون سوريا ووكالة “أسوشيتد برس”، كانت امرأة من بين الجرحى. وأفاد الشهود بأن أحد الصواريخ أصاب مبنى من ثلاثة طوابق قرب سوبر ماركت “طلعة فادي” في منطقة عين الكرم بالمزة 86.
قوات الأمن طوقت الشوارع المحيطة مباشرة بعد الانفجارات. ورصد صحفي من وكالة “أسوشيتد برس” حواجز عديدة بينما قيّدت الشرطة الوصول إلى الأبنية المتضررة قبل أن تسمح لاحقًا للصحفيين بالدخول.
البحث عن موقع الإطلاق
قالت وزارة الدفاع صباح السبت إنها حدّدت موقع الإطلاق في منطقة “اللوان” بكفرسوسة على أطراف المدينة الغربية. وذكر عصام غليون من إدارة الإعلام والاتصال في الوزارة على فيسبوك أن فريقًا عسكريًا استخدم زوايا الأطلاق والسقوط وأنماط الحطام لتحديد الموقع. وعرضت قناة الإخبارية الرسمية لقطات قالت إنها تُظهر “دارات كهربائية” استُخدمت في إطلاق الصواريخ.
وأشار مراسل القناة إلى أن أحد الصواريخ سقط داخل المزة 86، بينما سقط الثاني على الطريق المؤدي إلى قصر الشعب، على بُعد أقل من 1.5 كيلومتر من الحي. وذكرت مصادر محلية انتشارًا كثيفًا لقوات الأمن وإغلاقات متعددة للطرق بينما واصل المحققون عملهم طوال الليل. كما شدد المسؤولون على أن أسلوب التعامل مع الهجوم يعكس تغيرات في طريقة تواصل مؤسسات الدولة خلال الطوارئ.
تحول نحو تواصل أسرع مع الجمهور
قدّم المسؤولون تحديثات سريعة للحكومة والاستجابة الأمنية باعتبارها دليلًا على تحول أوسع في إدارة الأزمات. وقال عبد الله الموسى، معاون وزير الإعلام لشؤون المحتوى، إن قوات الأمن حدّدت موقع الإطلاق خلال أقل من أربع ساعات. وأضاف أن وزارة الإعلام وفّرت تحديثات متتالية طوال الليل، واعتبر ذلك مثالًا على الانضباط المؤسسي وجهدًا لإعادة بناء الثقة بين الجمهور والدولة.
وجاءت تصريحاته بعد ما قالته إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع لقناة الإخبارية، بأن المحققين أمّنوا منطقة الإطلاق واستعادوا ما وصفته بـ”الأدوات البدائية” المستخدمة في إطلاق الصواريخ، مؤكدة أن المسؤولين عنها سيُحالون للقضاء قريبًا.
مدينة قلقة بعد سنوات من الصراع
على الرغم من أن دمشق شهدت تفجيرات خلال الثورة السورية، فإن الهجمات الصاروخية المباشرة داخل العاصمة كانت نادرة في الأشهر الأخيرة. ومع ذلك، شهد حي المزة أعمال عنف متقطعة، بما في ذلك غارات إسرائيلية على مواقع يشتبه بأنها لحزب الله وإيران في مبانٍ سكنية، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
لم تحدد السلطات حتى الآن أي مشتبه بهم أو جهة مسؤولة عن هجوم يوم الجمعة. وقالت وزارة الدفاع إنها “لن تتردد في ملاحقة المسؤولين عن هذا العمل الإجرامي” بينما تواصل الفرق جمع الأدلة وأخذ شهادات السكان.
